المدربون بعيداً عن التكتيك وقريباً من لغة الجسد 2 من 2
في الحلقة الثانية من لغة الجسد عند المدربين، نمضي لتحليل حركة مورينيو وكونتي ونختم بمدرب ليفربول يورغن كلوب أحد أكثر المدربين منحاً للطاقة.
هُمام كدر
تناولنا في الحلقة الأولى الفروقات الواضحة بلغة الجسد بين قيادة دييغو سيميوني لأتلتيكو مدريد، وفالفيردي مدرب برشلونة السابق، ثم تطرقنا لمبالغات غوارديولا في إشارات جسده، أما في الحلقة الثانية فنمضي لتحليل حركة مورينيو وكونتي ونختم بمدرب ليفربول يورغن كلوب أحد أكثر المدربين منحاً للطاقة.
مورينيو... كونتي.. أثر واحد لشخصيتان متناقضتان
نترك سيميوني الذي يستحق كتباً في هذا السياق ونتقدم لنحلل نماذجاً لها تفردها هي الأخرى، مورينيو في مقدمة المقدمة:
هو مدرب ترك ويترك أثراً لا يمحى من حيث لغة الجسد، سواء في أسلوبه بالاحتفال (فرحته الشهيرة في كامب نو 2010 حين كان مدرباً لإنتر مثالاً) أو في كل المجادلات التي يقوم فيها مع نظرائه المدربين.
مورينيو يملك سحراً خاصاً على رجال وسائل الإعلام والجماهير، وهو رغم أزمة الأداء الواضحة لمانشستر يونايتد حين كان الأخير تحت عهدته، إلا أنه استطاع إقناع الكثير من المشجعين والصحفيين أن المشكلة بيونايتد نفسه وليس بالمدرب، ونحن كإعلاميين حتى لو أن بعضنا لا يفضّل طريقة مورينيو إلا أنه يجب ألا نفغل عن حال يونايتد حالياً مع سولشار خليفة السبيشل وان.
بالمناسبة؛ من بين الأسباب التي تتحدث عنها الصحافة الإنكليزية لتراجع أداء يونايتد هو "برودة" سولشار على الدكة.
يقوم مورينيو بقيادة لافتة للاعبين أثناء المباراة، وهنا تجدر الإشارة إلى الحالة التي يكون عليها مدرب توتنهام حين تكون النتائج إيجابية؛ فهو رجل ودود مثلما ظهر مع أحد أطفال الكرات في مباراة توتنهام أولمبياكوس اليوناني حين احتفى بالصبي الذي ساهم بتعادل السبيرز في تلك المباراة، قبل أن تنتهي بفوز الفريق الإنكليزي.
لكن حين تسوء نتائج الفرق التي يدربها مورينيو يظهر "السبيشيل وان" الوجه الآخر، وربما كان ذلك طبيعياً بين البشر فقليلون منا باستطاعتهم السيطرة على لغة جسدهم تحت التوتر والضغط، نذكر هنا طلب مورينيو من كونتي ألا يبالغ في احتفاله بالهدف الرابع ضد يونايتد في إحدى المباريات التي جمعت البلوز والشياطين.
طالما ذكرنا كونتي فلنعرج على كمية الطاقة التي يخلقها المدرب الإيطالي على الدكة، إن شخصيته مشتعلة دائماً، ويحتفل بأسلوبه المحبب وهو عناق الجماهير قبل اللاعبين أو المساعدين.
كونتي كان قائداً بارعاً يحرك لاعبيه بالعاطفة والحماس وأحياناً باللمس والعناق في يوفنتوس، إنه يملك رصيداً هائلاً من الاحترام في ناديه الذي لعب له أكثر من عقد.
وبالانتقال إلى إنكلترا كان القتال أشد شراسة، فالمعركة هناك لا تكون فقط داخل الملعب بل على الدكة وعلى المدرجات وفي قاعة المؤتمرات الصحفية، لذا فإن كونتي يعتقد بأن شخصيته تطورت كثيراً في الدوري الممتاز.
لكن كونتي أيضاً أثّر بدوره في الإعلام الإنكليزي، وأزاح الكثير من البرود، بشخصيته العنفوانية المعروفة إيطالياً.
وعلى الرغم من التواصل البصري الهادئ بين كونتي والإعلاميين في إنكلترا، ربما بسبب اللغة الإنكليزية التي لاقى فيها صعوبة بداية عهده في الدوري الممتاز، إلا أن الرجل القادم من انتصارات فذة في يوفنتوس انفجر مباشرةً منذ أول مباراة له مع البلوز في ستامفورد بريدج.
عاد كونتي إلى إيطاليا أرضه الخصبة لممارسة الجنون، ولكن هل يتوج هذا التواصل الرائع بين اللاعبين بالألقاب في إنتر؟ يبدو الأمر صعباً في ظل هيمنة يوفي.
كلوب الطاقة الفارقة
منذ قدوم يورغن كلوب إلى ليفربول تغير كل شيء في الأنفيلد، لقد عرف هذا الرجل أن الطاقة الإيجابية إحدى أهم عوامل النجاح في الفرق الكبيرة وهذا ما سعى لزرعه منذ اليوم الأول.
لنقارن بين حالة ليفربول النفسية في زمن رودجرز عنها في زمن كلوب، صحيح أن لاعباً واحداً ربما اشترك بين تشكيلتي المدربين هو هندرسون إضافة للالانا، ولكن الأجواء الاحتفالية التي خلقها كلوب من الصعب أن توجد مع مدرب آخر.
يقود المباريات بنفسية اللاعب ويستدير بامتنان كامل للجماهير، ثم وحين تنتهي المباراة – أياً كانت النتائج –يعانق لاعبيه فرداً فرداً وبنفس درجة الحرارة يعانق أغلبية لاعبي الفريق المنافس.
في داخل كلوب أكثر من شخصية مندمجة في كيان واحد، هو رجل بارع في وضع الخطط وتطوير اللاعبين وقيادة الفريق في ظروف مختلفة، وكذلك تبدو عليه كثيرٌ من الإيماءات المفعمة بالإيجابية، لقد كان واضحاً منذ البداية أن كل شيء يكمن في عناق لاعب لا يزال عرقه يغمر جسده بعد المباراة...ليدخل بأقوى ما لديه في المباراة التالية.