هُمام كدر
مثلما نطلق على اللاعبين وصوفات مختلفة، فمنهم الرسام ومنهم المقاتل ومنهم المخادع، كذلك المدربين، هناك الهادئ وهناك المفعم بالحماس وهناك رجال يذهبون إلى الأقصى أثناء المعارك.
لنلقي نظرة هنا على بعض من نماذج هؤلاء المدربين:
فالفيردي... المبالغة بالصمت
بما أن فالفيردي آخر المدربين الذين شغلوا الساعة بأسلوبهم، فإن الحديث عنه لا يزال جذاباً بين أوساط المحلللين التي تقيّم حالة برشلونة في عهدته، فرغم أن غالبية جماهير البلاوغرانا تعتقد أن المدرب المقال كان أحد أهم أسباب تراجع الأداء، لكن ثمة من يقول أن المشكلة في برشلونة أعمق من فالفيردي.
في كلتا الحالتين، سواء حل رحيل فالفيردي المشاكل أم لا، فإن جماهير برشلونة لا يمكنها أن تنسى كيف كان الرجل بارداً للغاية أثناء تلقي النادي صفعتان من أكثر الصفعات المؤثرة في التاريخ الحديث لبرشلونة، وهما بكل تأكيد صفعة روما وصفعة ليفربول.
عاب عشاق برشلونة على مدربهم أنه لم يقم بأي رد فعل واضح سواء بالتوجيه أو الصراخ أو حتى تحميس اللاعبين أو الجماهير.
أسلوب فالفيردي "البارد" لم يكن فقط في مباراتي روما وليفربول بل كان سمة عامة للمدرب مع الفريق، وهو بالتأكيد أسوأ ذكريات فالفيردي في برشلونة.
بيب... دونغا... المبالغة في الحركة
يمكن القول أن بيب غوارديولا من أكثر المدربين تحركاً على خط الدكة، لكن عدداً لا بأس به حتى من عشاقه ينتقدون المبالغة بهذه الحركة، ويصفونها بالاستعراض السلبي في كثير من المرات مستشهدين بالموسم الأول لبيب مع برشلونة إذ كان مدرباً هادئاً للغاية ثم حين أصبح من أشهر وأنجح المدربين في تاريخ اللعبة تنامت هذه الخاصية معه بشكل كبير.
في حالة بيب لا يمكننا إنكار كمية التأثير الإيجابي على اللاعبين والوضعية التي تكون عليها المباراة، لكن أيضاً نلاحظ أن بيب حين يكون متأخراً يجلس بوجه بارد وحزين بعض الشيء.
لا يمكن أن نتحدث عن بيب دون التطرق لمرات عديدة تحدث فيها مع لاعبين صغار في تشكيلته بشكل مبالغ فيه وكأنه يعطيهم درساً أمام وسائل الإعلام.
كما يمكن القول أن أنشيلوتي مثلاً كان من بين الحالات الهادئة الإيجابية من المدربين، أما تلميذه زيدان فقد استنهض ما بقي من داخله من قتال كلاعب وبثه في لاعبيه خصوصاً في أشهره الأولى كمدرب لريال مدريد حيث عوّض قلة خبرته كمدرب بشخصيته القيادية كلاعب.
لتحركات المدربين أكثر من نوع، فمثلاً دونغا مدرب منتخب البرازيل سابقاً كان لديه تأثير سلبي على لاعبيه لأنه كان يصرف طاقته ويشتت أذهان عناصره بكثرة الاعتراض على الحكام.
سيميوني... الرجل المتفجّر....
في المقابل لدينا حالة إيجابية جداً وانتزعت اعتراف الأغلبية الساحقة حتى عند الذين لا يفضلون طريقة لعبه وهو إنموذج متفرد في القيادة... دييغو سيميوني أحد أكثر الرجال جنوناً على الدكة.
لا يدفع سيميوني فقط لاعبيه إلى تقديم أقصى ما لديهم في المباراة، بل يُخرج بحركات يديه أقوى ما لدى جماهير أتلتيكو مدريد أيضاً.
إنه نوع خاص جداً من المدربين، يقدم الإلهام لأولاده في كل ثانية، ويعتمد سياسة الأرض المحروقة في المباراة، ورغم أنها لا تنجح في بعض المرات، إلا أنها تجعل الجماهير قانعةً بما قدم فريقها، وإلا لما كانت إدارة أتلتيكو راضية عن سيميوني لنحو عقد من الزمن.
من دفعه لأحد مساعديه في مباراة الأبطال ضد بايرن، إلى جلوسه بين المشجعين، مروراً بالاحتفالات المتفجرة، لا يمكن تخيل الكثافة العالية التي يخلقها سيميوني على الدكة.
دون أن ننسى أن التشولو في المؤتمرات الصحفية يظهر بصورة معاكسة تماماً فهو هادئ ولا ينفك يتحدث عن "التواضع "و"التضحية "و"العاطفة".
يلخص سيميوني أسلوبه في القيادة بكلمتين "إما أن تتبعني أو لا".
من الواضح إذن أن الرجل لديه قدرة نادرة على التحفيز، يستخدم جسده والفضاء الذي حوله لتقديم إيماءات واسعة يلتقطها طرفان على درجة واحدة من الأهمية اللاعب والعاشق، وتحللها الصحافة وتعكس نتائج إيجابية للإدارة وبالتالي يساهم دييغو سيميوني بتوسيع انتشار العلامة التجارية لأتليتكو مدريد ووهو نجاح لا يقل عن حصد الألقاب.
ولعل أساليب سيميوني في الإقناع ليست بالحديثة، بل يمكن إرجاعها إلى اليونان القديمة. فبحسب أرسطو إن الروح، العاطفة، والشعار، هي أهم وسائل الإقناع لدى الجماهير وسيميوني يجسد ذلك من حيث يدري ولا يدري.
في الحلقة الثانية غداً: قدرات كلوب الخارقة وكونتي مورينيو المتناقضان