باريس مستعدة لعرس كروي ناجح رغم المخاوف
قبل ساعات من ركلة بداية يورو 2016 ينبض قلب العاصمة باريس على إيقاع الساحرة المستديرة رغم المخاوف الأمنية.
باريس - إيلي المندلق
تصوير: سامر الرجال
يحبس عالم الساحرة المستديرة أنفاسه لركلة بداية النسخة الخامسة عشرة من كأس أمم أوروبا من عاصمة الأنوار باريس حيث يقص المنتخبان الفرنسي صاحب الضيافة والروماني شريط الافتتاح مساء الجمعة من “إستاد دو فرانس" في ضاحية سان دوني شمال باريس، في ظل جو من القلق بتكرار اعتداءات إرهابية كالتي كانت ضربت قلب العاصمة في شهر نوفمبر الماضي وراح ضحيتها 130 قتيلاً، في حين نجا استاد دو فرانس حيث كانت تجري ودية فرنسا وألمانيا من الاعتداء بعد إفشال خطة أحد منفذي الهجمات.
وعلى الرغم من هذه المخاوف الأمنية التي تصاعد منسوبها في الآونة الأخيرة خصوصاً بعد تحذيرات الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا من رصد معلومات تشير إلى خطط إرهابية جديدة، تبدو باريس، وإن يغيب عنها جو الاحتفاء بالبطولة، نابضة بالحياة فشوارعها مكتظة، خصوصاً قلب العاصمة حيث ينجذب السياح للمعالم التاريخية الشهيرة مثل برج إيفل وقوس النصر ومتحف اللوفر وغيرها، وتطلق عدسات الكاميرات العنان لصور لا محدودة، فباريس قبل كرة القدم تعد من بين أبرز الوجهات السياحية عالمياً إن لم تكن الأبرز.
ولا يعتبر التنقل في السيارة في الوقت الحالي قراراً صائباً إذ يؤدي الازدحام لشلل مروري يمتد لساعات خصوصاً في الطرقات الرئيسة داخل العاصمة والطرقات المؤدية إليها.
ويبدو غريباَ بعض الشيء خلو معظم الشوارع من اللافتات وشعارات البطولة أو عبارات وصور تشجيعية للمنتخب الفرنسي، أو حتى أخرى ترحب بالمنتخبات المشاركة، واقتصر الأمر على بعض شعارات يورو 2016 علقت في الشارع الذي يصل ساحة الـ"تروكاديرو" ببرج إيفيل الذي أيضاً نال نصيبه بتعليق كرة عملاقة في وسطه.
ويتواصل تدفق المشجعين ووسائل الإعلام العالمية إلى باريس التي تستضيف 12 مباراة من أصل 51 موزعة بين إستاد دو فرانس وبارك دي برانس معقل نادي باريس سان جيرمان، أما تذاكر المباريات فبيعت بشكل شبه كامل سواء المباريات التي ستجري في باريس أو المدن الثماني الأخرى.
وبحسب تقديرات رسمية، فإن فرنسا تترقب استقبال أكثر من مليونين ونصف المليون سائح ومشجع في شهري يونيو ويوليو الأمر الذي سيساهم بدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام في أوقات عصيبة بعض الشيء تعيشها البلاد بسبب استياء العمال من التعديلات المثيرة للجدل في سوق العمل مما خلف احتجاجات واسعة منذ فترة وأدت إلى أعمال شغب كانت آخرها تظاهرة مناهضة ليورو 2016 لدى وصول كأس هنري دولونيه إلى باريس بعد أن جالت على مختلف المناطق الفرنسية.
وإذا كان الفرنسيون غير مبالين كثيراً برفع الشعارات والأعلام دعماً لديوكهم، فإنهم رغم القلق يتطلعون قدماً لنجاح هذه البطولة التي أبصرت النور من فرنسا في العام 1960 بفضل هنري دولونيه وعادت إليها في العام 1984 قبل أن تحظى فرنسا مجدداً بشرف احتضانها للمرة الثالثة في 2016.
وفي حديث لموقعنا قال أحد المدرسين في مركز لذوي الاحتياجات الخاصة في منطقة بورت دو فرساي ويدعى حسن كوسيل إن فرنسا عانت كثيراً في الآونة الأخيرة من التهديدات الإرهابية والاعتداءات مضيفاً: "إنه أمر مؤسف جداً أن تشهد فرنسا مثل هذه الأعمال، ولكن الحكومة عرفت كيف تتعامل مع هذه الظروف واتخذت جميع الإجراءات اللازمة من أجل الحفاظ على الأمن".
وأضاف: "كأس أمم أوروبا مسابقة عريقة جداً وأنا سأتوجه إلى الملاعب لمشاهدة المباريات خصوصاً مباريات المنتخب الفرنسي".
وعن خلو شوارع باريس من شعارات البطولة أو بعض اللافتات التشجيعية للمنتخب الوطني اعتبر كوسيل أن ذلك يعود للمناخ السياسي السائد في البلاد منذ فترة معتبراً أن الأزمات الأخيرة أثرت سلباً على الرياضة.
ويقول أحد الطلاب الجامعيين ويدعى جيروم بواسون إنه متحمس جداً لمتابعة المباريات وتشجيع منتخب بلاده واصفاً إياه بالقوي والمرشح للظفر باللقب مثلما فعل المنتخب الفرنسي الذي فاز بمونديال 1998.
وأضاف الطالب أن القلق من أعمال إرهابية ينتاب الجميع في فرنسا موضحاً أن الخطة الأمنية التي أقرتها وزارة الداخلية ستساهم بالحد من الشعور بالخوف.
وأكدت إحدى العاملات في محطة المترو وتدعى كورالي ايستير أن باريس تغص بالسياح منذ عدة أيام معتبرة أن بطولة أمم أوروبا تعد مكسباً اقتصادياً لبلادها التي تعاني من البطالة والمشكلات الاقتصادية خصوصاً في مجال النقل حيث تعمل على حد قولها.
وأضافت ايستير أنها تثق بالحماية التي ستوفرها القوى الأمنية مشيرةً إلى أن الإرهاب لن يتغلّب على أجواء الفرح السائدة باحتضان هذا الحدث الرياضي الكبير.
ولدى سؤالها عن الهجوم الذي شنه مهاجم ريال مدريد كريم بنزيمة على المدرب ديدييه ديشان والذي اتهمه فيه بالرضوخ لضغوطات عنصرية بعد قرار استبعاده عن القائمة، قالت ايستير إن المنتخب الفرنسي لن يتأثر بما حدث ولم يؤثر هذا الأمر سلباً على المشجعين الذين سيدعمون المنتخب حتى النهائي على حد قولها.
إلى ذلك قالت لورا فالديرافو وهي موظفة في وزارة التربية إن "الإجراءات الأمنية ضرورية في هذه الأثناء وأخذ الحيطة أمر ضروري وهذا ما يفعله رجال الأمن". وأضافت: "الأمور ستجري بصورة إيجابية، أنا احب كرة القدم وسأتابع جميع المباريات حتى النهائي وآمل بفوز المنتخب الفرنسي باللقب."