كرة القدم السورية...إدارة المواهب...المشكلة المزمنة
كافح شبان المنتخب السوري الأولمبي لكرة القدم تحت 23 عاماً، للعبور إلى ربع نهائي أمم آسيا الأولمبية في الصين، لكن مخزونهم التكتيكي بدا قد استنفز في محاولة لتسجيل ولو هدفاً واحداً أمام فيتنام المتواضعة.
هُمام كدر
وخرج المنتخب السوري بنقطتين من ثلاث مباريات، وبهدف يتيم، لم تسجله الأقدام السورية بل دخل بالخطأ من مدافع أستراليا في المباراة الأولى التي انتهت بخسارة نسور قاسيون 3-1.
وظهر جلياً عدد من نقاط القوة والضعف في هذا المنتخب، الذي يقوده المدرب حسين عفش، منتخب غَلَب عليه الأداء الفردي والافتقار إلى التنويع باللعب، ما جعله يخسر فرصة العبور إلى الدور المقبل.. أمام منافسين لم يكونوا أكثر نضجاً منه.
وإذا كانت ميزة أغلب المنتخبات السورية للفئات العمرية المواهب الواضحة والخامات البدنية الملفتة، فإنها (أصحاب الخامات) غالباً ما تقترن بسوء التحضير ومن قبلها ضعف في تأسيس وإدارة المواهب وإظهار أفضل ما عندها.
ولا يمكن أن نبخس حق هذا المنتخب في تطور مستواه النسبي من مباراة إلى أخرى في البطولة، ففي الظهور الأول ضد أستراليا بدا مكبّلاً تماماً في المهام الدفاعية وغير قادر على "تدوير" الكرة في الخطوط الخلفية وإخراجها بشكل إنسيابي في كثير من اللقطات.
أما في مباراة كوريا الجنوبية (0-0) فتحسّن الوضع قليلاً، لكن المنتخب لم يحصل على الكثير من الفرص ولم يفرض أسلوبه على منافسه أغلب الوقت.
أمام فيتنام (0-0) ازدادت السيطرة السورية، دون أن يتطور أسلوب اللعب أو يتغير اعتماد لاعبي الوسط على طريقتهم في إعداد الهجمات وهي التمريرات العميقة والكرات الطويلة الساقطة، إضافة لمبالغة الجناحين في الاحتفاظ بالكرة، كل ذلك أظهر مشكلة جمة في طريقة تأسيس وإعداد العناصر.
وليس الحديث هنا تلميحاً ولا تصريحاً عن المدرب حسين عفش، لأنه وكما بدا سواء في التصفيات التي أقيمت قبل نحو نصف عام في العاصمة القطرية الدوحة أو في الصين بدا أن ابن نادي الاتحاد الحلبي قد حاول ما استطاع إيصال هذه المجموعة إلى أفضل المستويات.
وبلا شك يحتاج الخوض في جذور المشكلة لمجلدات، لكن دعونا نلقي نظرة على مفاتيح المنتخب التي كان من المنتظر أن تجلب له الانتصارات، لعل أهمها هنا المهاجم رأفت مهتدي الذي تعرض لانتقادات لاذعة قبل وأثناء البطولة.
ورغم أن المهاجم الفارع الطول سجل هدف التعادل أمام المنتخب القطري في التصفيات والذي بفضله (أي التعادل) وصل المنتخب السوري إلى الصين، إلا أن ذلك لم يشفع له عند الجماهير التي تحدثت عبر وسائل التواصل مراراً عن مدى أحقيته في أن يلعب كل الدقائق.
مهتدي أضاع عدداً من الفرص، هذه حقيقة واضحة ولكن بعض الآراء حوله تتناقض، فهو من جهة يبدو قوة بدنية وخامة يمكن العمل على إعدادها بشكل أفضل، ومن جهة أخرى لا يمكن الصبر عليه لأكثر من ذلك.
وبرز عدد آخر من اللاعبين نذكر منهم الحارس خالد إبراهيم (جنب بلاده الخسارة في المباراتين الأخيرتين)، أحمد الأحمد، مؤمن ناجي، وشادي الحموي... ولكن الطابع الفردي غلب لديهم في كثير من المرات.
مرة جديدة يخرج منتخب سوريا بخفي حنين وتنتظر الجماهير السورية فرحة طال النظر إلى شروقها، ربما بصيص الأمل في طرقات احترافية جديدة تُفتح أمام بعض اللاعبين لصقل مواهبهم والعودة لتمثيل المنتخب بأفضل صورة ممكنة.