ألعاب القوى.. قصة فساد متجذّر ونزاهة زائفة
مغلفات وحسابات مصرفية وبارونات فاسدة.. حكايات من كتاب الفساد تسردها ألعاب القوى.
مغلّفات ممتلئة بأموال نقدية، حساب مخبّىء في موناكو يوازي ثروة صغيرة ونجل بارون أفريقي ملطخ بالفساد، هي رحلة عالمية في فضيحة منشطات ألعاب القوى تطاردها محققة فرنسية.
أموال من رشاوى يشتبه أنها دفعت من عدّائين روس لتغطية تعاطيهم المنشطات قد تكون انتهت في مصرف في موناكو. أموال دفعت لضمان صمت أحد الأبطال سلكت طريق شركة وهمية في سنغافورة.
تبحث إليان أوليت، النائبة العامة المالية في فرنسا عن إجابات.
أصدر الإنتربول تنبيهاً دولياً لبابا ميساتا دياك، نجل لامين دياك (82 عاماً)، الرئيس السابق للاتحاد الدولي لألعاب القوى، الذي يواجه اتهامات فساد وتبييض أموال في فرنسا.
مستشار دياك القانوني حبيب سيسيه وغابريال دول الطبيب السابق لمكافحة المنشطات في الاتحاد الدولي، يواجهان أيضاً اتهامات بالحصول على رشاوى المنشطات.
في فيلا دول الواقعة على شاطىء كوت دازور المترف بالقرب من موناكو، وجدت الشرطة 87 ألف يورو نقداً (93 ألف دولار).
قالت أوليت إن مغلفات تحتوي على أوراق من فئة 50، و100، و200 و500 يورو وجدت في منزل دول المشتبه بتلقيه الرشاوى، هذا ويحظر على دول، ودياك وسيسيه مغادرة فرنسا.
قالت أوليت في مؤتمر صحفي بعد عرض تقرير جديد حول فضائح الاتحاد الدولي لألعاب القوى: "اعترف الثلاثة أنه بعد 2011، تم التعامل مع جواز السفر البيولوجي لـ23 عداءاً روسياً بطريقة غير طبيعية، من دون اتخاذ عقوبات أو إيقافات من قبل الاتحاد الروسي أو الاتحاد الدولي".
تذرعوا بحجة أنهم لم يرغبوا "بفضيحة كبيرة" قبل دورة ألعاب لندن الأولمبية 2012، قد تؤثر على محادثات مع الرعاة وعقود النقل التلفزيوني.
في هذا الوقت، جمدت سلطات موناكو حساباً يحتوي على 1.8 مليون يورو (2 مليون دولار) يعود إلى رئيس الاتحاد الروسي السابق فالنتين بالاخنيتشيف.
قال تقرير لحنة الأخلاقيات في الاتحاد الدولي إن بالاخنيتشيف ودياك الصغير كانا جزءاً من عصابة تبتز الرياضيين المخفقين في فحوص المنشطات.
دفعت ليليا شوبوخوفا، بطلة ماراتون السيدات في لندن 2012 قبل اكتشاف تنشطها، على الأقل 450 ألف يورو (490 ألف دولار) بحسب تحقيق الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات.
لكنّ في 2014، تم دفع مبلغ 300 ألف يورو لمدير أعمالها من قبل شركة "بلاك تايدينغ" في سنغافورة المرتبطة ببابا ميساتا دياك. يشتبه محققون بأن الدفعة كانت للحصول على صمت شوبوخوفا حول الرشاوى.
ذكرت أوليت أنّ العلاقات كانت جيدة مع المحققين الروس: "نعوّل أيضاً على تفاعل السلطات القانونية في سنغافورة، والتي تم أيضاً طلب مساعدتها. سيعتمد طول التحقيق على سرعة الإجابات المعطاة إلى قضاة التحقيق".
وأضافت أنّ تورط أشخاص آخرين ممكن في هذه القضية.
يمكن أن ينتقل التركيز الآن إلى بابا ميساتا دياك. دفع والده كفالة بقيمة 500 ألف يورو، لكنه غير قادر على مغادرة فرنسا.
قالت أوليت إن ابنه متواجد على الارجح في بلده السنغال، وأنّ مذكرة توقيف دولية صدرت بحقه في 17 كانون الأول/ديسمبر: "استدعي من قبل المحققين، لكنه رفض تسليم نفسه. قال للصحافة إنه لن يستجيب للإستدعاء الفرنسي".
من فارس إلى عرّاب مافيا
لطالما قال لامين دياك أنّ "ألعاب القوى عائلة كبيرة"، لكنّ تزايد الأدلة يشير إلى أنه كان يقصد نفسه مع بابي، أحد أولاده الـ15 في عائلة كبيرة تلطخت سمعتها. إلى جانب بالاخنيتشيف ومدرب المشي الروسي السابق أليكسي ميلينكوف، أوقف بابا مدى الحياة من قبل الاتحاد الدولي.
لامين دياك هو العمدة السابق للعاصمة داكار وعضو المجلس الوطني. أصبح في 1999 أول شخص من خارج أوروبا يتولى رئاسة الاتحاد الدولي لألعاب القوى.
كقائد رياضي دولي محترم، تحدّث ضد هدم ملعب بالقرب من منزله في داكار. كان دياك الأب العام الماضي من كبار داعمي عروض المصارعة التي نظمت بجانب النصب التذكاري في داكار.
منذ اطلاق التهم عليه، اختفى عن الساحة. كلمات الحكمة التي وجهها سابقاً إلى الإعلام السنغالي يبدو أنه قد جفت.
قالت صحيفة "لو تيموان" مؤخراً في افتتاحية: "لقد تم تقديمه كفارس أبيض ناصع، لكن مع خط النهاية تبيّن أنه عرّاب المافيا السنغالية".
اضطر دياك إلى الاستقالة من منصبه عضواً فخرياً للجنة الأولمبية الدولية، وهو لقب يمنح الهيبة لبارونات الرياضة الدولية.
ترك دياك الصغير منصبه كمستشار في الاتحاد الدولي في كانون الثاني/يناير 2014 بعد اتهامات بطلبه 5 ملايين دولار أميركي للترويج لملف الدوحة لاستضافة بطولة العالم لألعاب القوى 2017.