شباب "العنّابي".. استراتيجية ناجحة ورهان رابح
أرض ميانمار تشهد على ولادة جيل مونديال 2022 الذي سيأخذ على عاتقه مسؤولية الارتقاء بالطموحات القطرية إلى آفاق أرحب.
بعد ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن، ضَمِنَ المنتخب القطري لكرة القدم تأهّله لكأس العالم للشباب "تحت 20 عاماً" المقرّر إقامتها بنيوزيلندا العام المقبل في إنجاز كبير للكرة القطرية.
وتحقّق الإنجاز عبر التصفيات للمرة الأولى منذ 33 عاماً ليشارك شباب العنّابي في العرس الكروي الكبير للمرة الثالثة.
وكانت آخر مرة تأهّل فيها الفريق لمونديال الشباب عن طريق التصفيات من خلال الجيل الذهبي للكرة القطرية عام 1981 بأستراليا، بينما كانت المشاركة الثانية للفريق بمونديال الشباب دون تصفيات حيث كانت في نسخة 1995 عندما استضافت قطر البطولة.
ولم يأت هذا الإنجاز من فراغ بل كان نتيجة استراتيجية قطرية جديدة واستثمار متنامي في الرياضة وبالتحديد في كرة القدم التي حقّقت في السنوات الأخيرة نجاحاً كبيراً لعلّ أبرزه نيل قطر شرف استضافة مونديال 2022 لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية.
وقدّم المنتخب القطري مسيرة ناجحة في بطولة آسيا للشباب "تحت 19 عاماً" والمقامة حالياً في ميانمار عندما اجتاز دور الثمانية بالتغلب على المنتخب الصيني 4-2 ثم فاز على منتخب ميانمار في عقر داره 3-2 ليصعد إلى المباراة النهائية للبطولة والتي يلتقي فيها منتخب كوريا الشمالية غداً الخميس.
وأثبتت الأرقام والإحصاءات تفوّق المنتخب القطري على منافسيه لأنّه الأكثر تحقيقاً للفوز في البطولة مسجّلاً أربعة انتصارات على كوريا الشمالية 3-1 وعمان 2-0 والصين 4-2 وميانمار 3-2 وتعادل في مباراة واحدة مع العراق بنتيجة 1-1 وحافظ الفريق على سجلّه خالياً من أية هزائم ويليه المنتخب الأوزبكي الذي سقط فقط أمام كوريا الشمالية في الدور قبل النهائي.
وأصبح المنتخب القطري على بعد خطوة واحدة من التتويج باللقب الآسيوي حيث يحتاج فقط للفوز على منتخب كوريا الشمالية غداً بعدما تغلّب على نفس الفريق 3-1 في الدور الأول للبطولة.
أخبار متعلقة
وما زال هجوم المنتخب القطري هو الأقوى في البطولة حتى الآن بعد نجاحه في تسجيل 13 هدفاً في المباريات الخمس التي خاضها بمتوسط 2.6 هدف في المباراة الواحدة وهو معدّل إيجابي يؤكّد قدرات خط الهجوم الذي استفاد كثيراً من إمكانات الشاب الواعد أحمد السعدي الذي يتصدّر قائمة هدّافي البطولة برصيد خمسة أهداف مناصفة مع كوانغ ميونغ جو مهاجم كوريا الشمالية والذي سجّل ثلاثة أهداف (هاتريك) في مباراة المربع الذهبي ليقود فريقه إلى الفوز 5-0 على منتخب أوزبكستان.
ويأتي دفاع المنتخب القطري من بين أفضل خطوط الدفاع بالبطولة بعدما تلقّت شباكه ستة أهداف فقط في المباريات الخمس التي خاضها حتى الآن وهو نفس العدد الذي تلقّته شباك كوريا الشمالية في البطولة حتى الآن.
ويضمّ المنتخب القطري في صفوفه لاعبين على مستوًى عالٍ أثبتوا إمكاناتهم الهائلة ومهاراتهم الفنية ليكون هذا المنتخب هو النواة الأساسية للمنتخب القطري الأول في مونديال 2022 حسب تأكيدات المسؤولين في الاتحاد القطري لكرة القدم.
ولعلّ استراتيجية أكاديمية أسباير أعطت ثمارها الأولى في انتظار الثمار المستقبلية من خلال احتضان كل هؤلاء اللاعبين ومنحهم فرصة التدرّب تحت إشراف أبرز المدربين والكوادر الفنية في الأكاديمية، زيادة على منحها الفرصة لسبعة لاعبين للالتحاق بصفوف فريق أوبن في دوري الدرجة الثانية ببلجيكا والذي تمتلكه مؤسسة أسباير زون ويحمل شعارها ضمن برنامج "أسباير أحلام كرة القدم" أحد برامج اكتشاف المواهب في كرة القدم بالأكاديمية.
وظلّ أربعة لاعبين يلعبون في فريق الشباب لهذا الموسم وهم المدافعون عبد العزيز محمود وفهد عبد الرحمن شنين ولاعب الوسط أحمد معين والمهاجم أحمد السعدي الذي يحتلّ حالياً قائمة هدّافي كأس أمم آسيا الحالية.
وقال الإسباني إيفان برافو، مدير عام أكاديمية التفوق الرياضي أسباير المتواجد حالياً مع منتخب الشباب في ميانمار: "هو إنجاز كبير بكل المقاييس أثلج صدور كل القطريين الذين عبّروا عن اعتزازهم وفخرهم الشديد بهذا الفريق الذي استطاع التأهل لمونديال نيوزيلندا 2015 عن جدارة واستحقاق وأنا على ثقة بأنّ هؤلاء اللاعبين قادرين علي تحقيق نتائج أفضل لاسيما وأنّ أمامهم فرصة للفوز بلقب البطولة.
وأضاف: "ما رآه الجميع من منتخب الشباب ما هو إلاّ بداية لما سيقدّمه الفريق مستقبلاً للكرة القطرية لأنّه لم يأت بضربة حظ أو مصادفة ولكن نتاج عمل وتنسيق على أعلى مستوى بين القائمين على أكاديمية أسباير والاتحاد القطري للعبة والأندية المحلية.. وأود في هذا المجال أن أوجّه شكري الجزيل على ما أبدته الأندية من تعاون شديد من خلال السماح للاعبيهم بالانتظام في البرنامج الذي وضعناه علي مدار أكثر من عام حتى يخرج لنا فريق بهذا المستوى المتميّز والذي نال إعجاب الجميع بلا استثناء".
وكشف برافو أنّ البرنامج الذي وضعته الأكاديمية أعطى ثماره قائلاً: "البرنامج تلخّص في إرسال لاعبينا الموهوبين لأوروبا لمدة عام كامل للاحتكاك واكتساب الخبرة مع وضعهم تحت كافة الظروف لمنحهم القدرة على التأقلم مع كل المواقف الصعبة وخاض اللاعبون مواجهات مع فرق تفوقهم في المراحل السنية مثل مشاركتهم في مباريات مع منتخبات البرازيل وكوريا الجنوبية وإنكلترا وغيرها من المنتخبات القوية والمدارس المختلفة في ظلّ أجواء مناخية متقلّبة بين الصيف والشتاء.. وهذا بالتأكيد أعطى ثماره لأنّ البرنامج كان واضحاً ومحدّد المعالم ويركّز على الارتقاء بأربعة جوانب أساسية هي الإعداد الذهني والثقة بالنفس والبنية الجسدية وقوة الشخصية".
وأضاف: "البرنامج مستمر مع الفريق في الفترة المقبلة للإعداد لمونديال نيوزيلندا وما بعده ومثل هذه الخطط الطويلة تنتهجها دول متقدّمة مثل ألمانيا وإسبانيا في إعداد أجيال مستقبلية موهوبة. ورأينا بأنفسنا نجاحاً كبيراً في هذه البلدان ولا يجب أن نتناسى أنّ هذا الفريق سيكون نواة للمنتخب القطري في كأس العالم 2022 . لذلك ، يجب أن يستمر الاهتمام بالفريق والرسالة التي يجب أن يعلمها الجميع أنه إذا ما استمر هذا العمل علي نفس النحو سينعكس إيجابياً على الأندية المحلية التي ستجد مستويات مختلفة تماماً للاعبيها من أعضاء المنتخب".
وختم: "أتحدّث عن جيل شاب وواعد يتمّ إعداده من الآن وأعتقد أنّ الوقت سيكون كافياً لإعداده لمونديال روسيا 2018 ".