حمدو الهوني.. "سليل المختار" الذي أدار رقاب الكبار
محطة كأس العالم للأندية قطر 2019 الماضية كانت بمثابة فرصة ثمينة لبعض الأندية لمراقبة موهبة الهوني التي تفجرت في لقاء السد "التاريخي" مؤكدة ما سبق وقيل فيه وكُتب عنه.
باسم السالمي
لطالما كان الجزاء من جنس العمل.. مقولة تتطابق بشكل كبير مع حمدو الهوني.. نجم ليبي سطع اسمه سريعاً بين صفوف الترجي التونسي منذ التحاقه به في 2017 قادماً من البرتغال.
صعود الهوني "القياسي" لم يكن محض مصادفة أو حتى مفاجأة بالنسبة لمن يعرفونه عن قرب، ولئن عُرف اسمه مؤخراً على الصعيدين العربي والإفريقي فإنّ موهبته الفذة ومخزونه المهاري العالي كانا معروفان مسبقاً خاصة وأنّه خاض تجربة الاحتراف بأوروبا وتحديداً في البرتغال حيث قام بجولة في أندية عدة منها سانتا كلارا (درجة ثانية) وتشافيز وديبورتيفو أفيش (الدوري الممتاز)، هذا الأخير الذي انتقل منه إلى شيخ الأندية التونسية.
لمن لا يعرف.. من هو حمدو الهوني؟
حمدو محمد الهوني (25 عاماً) من مواليد العاصمة الليبية طرابلس. نشأ في نادي الأهلي "العاصمي" قبل أن يغادره في 2016 نحو تجربة احترافية مطوّلة قادته إلى لفيف من الأندية البرتغالية ليحط الرحال بعد ذلك في العاصمة التونسية متقمصاً زي كبير القوم هناك، الترجي الرياضي التونسي.
الهوني أيضاً ليس حديث العهد بالمشوار الدولي فهو أحد أبرز نجوم "فرسان المتوسط" حيث سجّل أولى مشاركاته في عام 2014 وسجّل منذ ذلك الحين 4 أهداف في المنافسات الرسمية منها 3 في تصفيات كأس أمم إفريقيا بنسختيها 2019 و2021 وتحديداً في مرمى منتخبي السيشل (هدفان) وتونس (هدف)، إضافة إلى هدف في مرمى غينيا في تصفيات مونديال روسيا 2018.
بين حمدو وجمهور الترجي.. مكانة خاصة في وقت قياسي
لم يمض على حلول الهوني في صفوف أبناء "باب سويقة" الكثير فهو في موسمه الثاني مع الفريق وعلى الرغم من ذلك فقد احتلّ سريعاً مكانة مرموقة في قلوب "مجانين المكشخة" الذين يخصّونه بعشق كبير بالنظر لعطاءاته الغزيرة في الرقعة الخضراء ولأجل عيون مهارته المطلقة في مداعبة الكرة.
جمهور الترجي يعشق هذا النوع من اللاعبين الأفذاذ الذين يتمتعون بسحر خاص، حيث تتمنى في قرارة نفسك أن لا تفارق الكرة قدميه من زخم الإبداع الذي يبثه من خلالهما.
جماهير فريق "الدم والذهب" لا تعشق الهوني لفنياته فحسب بل للأثر الكبير الذي يخلفه مجهوده على نتائج الفريق في مختلف الاستحقاقات، فإضافة الهوني النوعية في ترسانة المدرب معين الشعباني جلية للقاصي والداني، وستكون أكثر تأثيراً وقوة في حال ثبّت هذه الإضافة مع مدى طويل من الاستقرار في المردود.
يغلّف كل ما سبق عن "سليل شيخ المجاهدين عمر المختار" ما يشاع عنه في مركب "حسان بلخوجة" من دماثة أخلاقه العالية واتزان شخصيته والتزامه الكبير في تدريباته وهو نتاج عقليته الاحترافية التي اكتسبها في البرتغال.
أضواء وأرقام الـ"موندياليتو" وضعته في قائمة المطلوبين
كانت مناسبة كأس العالم للأندية التي استضافتها قطر في أواخر العام الماضي وتحديداً من 11 ديسمبر 2019 وحتى 21 منه، فرصة للعديد من كشافي الأندية ومبعوثيهم لاختبار مدى حقيقة ما أثير عن النجم الليبي الذي ذاع صيته في موسم المئوية الترجية لا سيما بعد مساهمته الفعالة في التتويج بلقبين قياسيين في دوري أبطال إفريقيا في أقل من 6 أشهر ولقب آخر في البطولة المحلية، علاوة على كأس السوبر التونسي.
الهوني بدوره قدّم لنفسه بطاقة تعريفية قوية وعلى مرأى من العالم عندما بصم على الـ"هاتريك" من جملة السداسية التي دكّ بها الترجي شباك زعيم الأندية القطرية، السد، ما خوّله احتلال المركز الخامس.
هذا الـ"هاتريك" التاريخي في الـ"موندياليتو" حلّق بالهوني إلى آفاق أرحب، حيث جعله هدافاً للبطولة مناصفة مع الجزائري بغداد بونجاح كما سمح له بالاصطفاف إلى جانب نجوم الصف الأول وأصحاب الوزن الثقيل عالمياً ممّن وقعوا على إنجاز الـ"هاتريك" في مباراة واحدة وهم، الأوروغواياني لويس سواريز في مرمى غوانغزو إيفرغراندي الصيني في نصف نهائي نسخة 2015 والبرتغالي كريستيانو رونالدو في مرمى كاشيما أنتلرز الياباني في نهائي عام 2016 والويلزي غاريث بايل في مرمى المنافس عينه في نصف نهائي نسخة 2018.
ليس هذا فحسب، حمدو الهوني انضمّ لقافلة النجوم الذين سجّلوا ثلاثة أهداف في نسخة مونديالية واحدة ومن أهمهم على سبيل الذكر لا الحصر، البرازيلي روماريو والفرنسي نيكولا أنيلكا (2000) والإنكليزي واين روني (2008) والإسباني سيرخيو راموس (2014 و2018) والبرازيلي رونالدينيو (2006 و2013) والفرنسي كريم بنزيمة (2014 و2016).
كل ما فات من أرقام صبّ في خانة الدولي الليبي الذي استمر في تقديم مردود فني مرموق محلياً وقارياً حتى بعد المغامرة المونديالية، ما ساعد جماهير فريق "الدم والذهب" على نسيان خسارة الأيقونة الجزائرية يوسف بلايلي الذي انتقل لصفوف الأهلي السعودي.
بيد أنّ التحدي الحقيقي الآن هو ذاك الذي تواجهه هيئة رئيس الترجي حمدي المؤدب التي ستكون أمام فترتي ميركاتو ساخنتين بين هذا الشتاء والصيف المقبل، لا سيما مع تتالي العروض الكبرى التي تخطب ود "النجم الأسمر" خصوصاً الخليجية، القادمة من السعودية (موعد إغلاق الميركاتو 4 فبراير) وقطر (31 يناير) والإمارات (30 يناير).
فهل ستنجح هيئة "الأحمر والأصفر" في الحفاظ على عصفورها النادر أم أنّ الإغراءات المادية ستحول دون ذلك؟ سؤال ستحمل الأيام المقبلة إجابته لا محالة.