الأهلي يحتاج إلى تكرار تجربة ديتريش فايتسا
يتابع جماهير وعشاق الأهلي المصري بقلق وتوتر جهود مجلس إدارة النادي القاهري لانتشال القلعة الحمراء من دوامة الإخفاقات التي لحقت بها في الآونة الأخيرة.
أحمد النفيلي
موسم مرير مر على الأهلي المصري، إذ أنه الأول منذ زمن بعيد الذي يفشل فيه الفريق في إحراز أي لقب محلي "دوري أو كأس" أو قاري ويخرج منه خالي الوفاض، وهو ما أصاب الملايين من عشاق وجماهير الفريق بالحزن الشديد والقلق على مصير نادي القرن في أفريقيا خاصة مع فشل لاعبي الجيل الحالي في سد الفراغ الكبير الذي حدث جراء اعتزال نجوم الفريق الذهبي للنادي الذي صال وجال محلياً وأفريقياً بل وعالمياً.
يعد موسم 2003 – 2004 هو آخر موسم فشل فيه الشياطين الحمر في حصد أي لقب "كبير" سواء كان محلي أو قاري وقتها وتحديداً في منتصف ذاك الموسم، استدرك مجلس إدارة الأهلي الخطأ الجسيم الذي وقعوا فيه بالاستغناء عن البرتغالي مانويل جوزيه الذي أعاد دوري أبطال أفريقيا إلى خزائن الأهلي عام 2001 أي بعد غياب 14 عاماً، وتعاقدوا معه مجدداً فقاد ثورة حقيقية في الفريق استطاع من خلالها أن يقود القلعة الحمراء للتتويج بلقب دوري أبطال أفريقيا ثلاث مرات أعوام 2005 – 2006 – 2008 وكأس السوبر الأفريقية ثلاث مرات أعوام 2006 – 2007 – 2009 والدوري المصري خمسة مواسم متتالية منذ موسم 2004-2005 وحتى 2008-2009، ثم رحل جوزيه عقب ذلك لتدريب منتخب أنغولا وقيادتها في كأس الأمم الأفريقية عام 2010.
جوزيه وثلاث ولايات
تجربة مثيرة ومثمرة خاضها جوزيه مع الأهلي على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى كانت في موسم 2001-2002 أما الثانية فكانت بين عامي 2003-2009 أما الثالثة والأخيرة فكانت في موسم 2011-2012، وهو ما دفع جماهير وعشاق القلعة الحمراء بل وبعض وسائل الإعلام أيضاً إلى مطالبة مجلس إدارة النادي القاهري بالتعاقد مع الخبير البرتغالي مجدداً ليكون أول مدرب أجنبي في تاريخ الكرة المصرية يتولى تدريب أي فريق في أربع ولايات مختلفة، فهل بالفعل المرحلة القادمة هي مرحلة جوزيه وهل هو قادر على إخراج فريقه المفضل من كبوته؟.
المتابع جيداً لتجربة جوزيه مع الأهلي التي تولى فيها إدارة الفريق منذ أكثر من عشرة سنوات يدرك أن البرتغالي المخضرم عمل في ظل ظروف ومعطيات مختلفة تماماً عماً هي عليه الآن، فوقتها كان مجلس إدارة الأهلي يعج بالخبرات الكروية المميزة في مقدمتها حسن حمدي المدافع السابق وأسطورة الكرة المصرية محمود الخطيب، إضافة إلى أحد أفضل من عملوا في مجال التعاقدات مع اللاعبين على ساحة الكرة المصرية وهو عدلي القيعي، وقتها تزامن التعاقد مع جوزيه مع عملية التجديد الشامل لدماء الفريق إذ ضم الأهلي عدد من أفضل المواهب الشابة في الكرة المصرية في مقدمتها محمد أبو تريكه وعماد النحاس ومحمد بركات وإسلام الشاطر والأنغوليين فلافيو وغيلبرتو، إضافة إلى ذلك فإن الفريق كان يعج بعدد لا بأس به من نجوم وأعمدة المنتخب المصري في مقدمتهم عصام الحضري ووائل جمعة.
أتى جوزيه واستطاع بدهائه وحنكته وشخصيته الصارمة أن يستفيد من كوكبة اللاعبين المميزة وسيطر تماماً على الساحتين المحلية والأفريقية، بل تخطى الحدود القارية وتألق مع القلعة الحمراء عالمياً عندما قاد كتيبته إلى الحصول على المركز الثالث في كأس العالم للأندية نهاية عام 2006.
فايتسا مكتشف المواهب
أيام خوالي وعصر ذهبي عاشه جوزيه مع الأهلي على مدار عقد من الزمان تختلف معطياته تماماً عما هو عليه الآن، فالفريق صاحب الأرقام القياسية في حصد ألقاب جميع المسابقات التي شارك فيها سواء كانت محلية أو قارية، شحّت فيه المواهب بشكل واضح ولم تصبح له اليد العليا في التعاقد مع اللاعبين الصاعدين على ساحة الكرة المصرية، كما أن مجلس إدارة الأهلي ليس هو المجلس الخبير في أسرار وفنيات الساحرة المستديرة، كما أن جوزيه ذاته فشل في فترات ولاياته العديدة في اكتشاف المواهب الصاعدة من فرق المراحل السنية المختلفة في القلعة الحمراء وذلك باستثناء عماد متعب وحسام عاشور، أما الراحل محمد عبد الوهاب وأحمد فتحي فقد تعاقد معهما الأهلي من أندية خارجية.
تتشابه المرحلة الحالية إلى حد كبير مع تلك التي تولى خلالها الخبير الألماني الشهير ديتريش فايتسا مسؤولية تدريب الأهلي عام 1988 عندما كان الفريق في مرحلة بناء شامله وكان يعاني من غياب المواهب وقتها قاد فايتسا ثورة تغيير حقيقة بل وشاملة ليس فقط في الأهلي الذي صعد إلى فريقه الأول العديد من الناشئين في مقدمتهم التوأم حسام وابراهيم حسن وهاني رمزي كما أعاد بريق نجم مصر وقتها طاهر أبو زيد ومنح الثقة الكاملة للحارس أحمد شوبير، والأهم من ذلك أنه يعد من الأوائل الذين أدخلوا طريقة لعب 5-3-2 والتي تتحول إلى 3-5-2 إلى الأهلي وابتكر طريقة اللعب بظهير حر "ليبرو" وهو أسلوب اللعب الذي ظل مسيطراُ على الكرة المصرية لسنوات طويلة، وكان فريق الأهلي وقتها هو عماد المنتخب المصري الذي تأهل إلى نهائيات كأس العالم عام 1990 بعد غياب 56 عاماً.
بيسيرو ليس الحل
على الرغم من كل المؤشرات التي كانت تؤكد اقتراب الهيئة الحاكمة في الأهلي بقيادة محمود طاهر من التعاقد مع مدرب من المدرسة الألمانية يعيد يقود ثورة تغيير جديدة في القلعة الحمراء ويفرض الالتزام والانضباط داخل صفوف الفريق، إلا أن رئيس الأهلي فاجأ الجميع بإعلان تعاقده مع المدرب البرتغالي جوزيه بيسيرو، في تجربة تبدو مشابهة تماماً لتجربة التعاقد مع الإسباني غاريدو الذي أقيل منصف الموسم الماضي من تدريب الفريق عقب الخروج من ثمن نهائي دوري أبطال أفريقيا.
سيبدأ بيسيرو فعلياً عمله مع الأهلي عقب مباراة كأس السوبر المصرية التي ستقام في الخامس عشر من الشهر الحالي أمام الزمالك وستستضيفها دولة الإمارات، وأبدى الكثيرون عدم تفاؤلهم من ولاية البرتغالي فالرجل أقيل من تدريب جميع الفرق التي تولى قيادتها مؤخراً ولم يستمر مع أي فريق أكثر من موسم واحد فقط، بداية من سبورتنغ لشبونه عام 2004-2005 والهلال السعودي 2006-2007 ثم باناثينايكوس موسم 2008-2009 كما أطيح به من تدريب المنتخب السعودي بشكل فوري أثناء مشاركة الأخضر في نهائيات كأس أمم آسيا قبل الماضية، وعقب ذلك خاض تجربتين لم يكتب لهما النجاح مع سبورتنغ براغا والوحدة الإماراتي أما مسيرة الرجل بشكل كامل كمدرب فتخلوا من أي إنجازات على الإطلاق، باستثناء قيادته براغا للفوز بكأس البرتغال عام 2013 بالتغلب على بورتو في النهائي بهدف نظيف.
الغريب والطريف في آن واحد أن طاهر رئيس الأهلي أكد أن من أسباب التعاقد مع المدرب البرتغالي هو خبرته في المنطقة الأفريقية علماً بأن الأهلي هو أول فريق أفريقي يدربه الرجل.
وفي النهاية فإن الأزمة التي يمر بها الفريق الأحمر حالياً تؤكد أنه بحاجه إلى مدرب خبير في إعادة بناء الفرق واكتشاف المواهب ومنح الثقة للاعبيه، كما أنها في الوقت ذاته تحتاج إلى مدرب يمتلك ثقافة البطولات ويمتلك الشخصية القوية، وهو ما دفعنا إلى تذكر عملاق التدريب ديتريش فايتسا الذي لا يعلم الكثيرون أنه قاد منتخب ألمانيا الغربية للفوز بكأس العالم للشباب عام 1981 كما يعد من أساطير التدريب في تاريخ فريق آينتراخت فرانكفورت بعد أن قاده للفوز مرتين متتاليتين بكأس ألمانيا عامي 1974 و1975.
ويطرح السؤال هنا نفسه بقوة، في عام 1988 تمكن مجلس إدارة الأهلي بقيادة الراحل صالح سليم من الحصول على خدمات العملاق الألماني الذي غير مفاهيم كرة القدم ليس في الأهلي بل في مصر كلها، فهل يستطيع المجلس الحالي عام 2015 من تكرار التجربة أم أنه بتعاقده مع بيسيرو سيدفع القلعة الحمراء إلى تجربة فاشلة جديدة؟.