بالفيديو والصور - سون.. فاكهة توتنهام الناقصة
لم يستغرق الأيقونة الآسيوية وقتاً طويلاً للإعلان عن نفسه.
باسم السالمي
كان من غير الممكن أن يمرّ تألّق النجم الكوري الجنوبي القادم من صفوف باير ليفركوزن، هيونغ مين سون، في أولى مباريات ناديه الجديد توتنهام ضمن منافسات اليوروبا ليغ، مرّ الكرام.
بعد مصافحة أولى مع الدوري الإنكليزي الممتاز كانت أمام سندرلاند في ثوب البديل، هاهو صاحب "العيون الضيّقة" يعلن عن إمكاناته العريضة في مواجهة كاراباغ الأذري، حافراً اسمه على بداية مبهرة بإحداثيات أوروبية.
استقدام ذكي واستثمار أذكى
من الغريب حقاً أن لا يلفت سون انتباه عدد كبير من الأندية الأوروبية ولا سيما منها "المرهقة مادياً"، خصوصاً مع ما قدّمه الفتى الآسيوي على ساحة الـ"بوندسليغا" منذ التحاقه بنادي هامبورغ عام 2010 قادماً من فريقه الأم أف سي سيول.
كان تدرّج سيون في ألمانيا ملفتاً لكلّ متابعي الدوري هناك، وعلى الرغم من قدومه من الشرق الآسيوي الذي يتّسم بطباع وعادات ونمط عيش معيّن، تمكّن أصيل مدينة الجنوب الكوري تشونشيون من فرض نفسه بل وحجز مكان ضمن النخبة في ضرفية قصيرة، وساعده في ذلك رصيده التهديفي الذي تطوّر تباعاً مع هامبورغ، الذي لعب فيه بين مواسم 2010-2013 (20 هدفاً في 73 مباراة)، ومن ثمّ في باير ليفركوزن من 2013-2015 (21 هدفاً في 62 مباراة).
بعد التفويت في رأس الحربة الإسباني روبيرتو سولدادو إلى مواطنه فياريال وتسريح الألماني لويس هولتبي إلى هامبورغ بعد إعارة إلى فولهام، والاستغناء لاحقاً عن خدمات الطوغولي إيمانويل أديابيور الذي لم يكن موجوداً في حسابات مدرب السبيرز، كان لزاماً على الأخير أن يجهّز البدائل، فكان الاختيار على واعد أولمبيك ليون الكاميرون كليمون نجي وخصوصاً المراهنة على الأيقونة الآسيوية هيونغ مين سون (23 عاماً)، الذي حطّ في معقل الـ"وايت هارت لاين" محمّلاً بأعباء تقديم الإضافة ومن ثم تسويق نفسه في السوق الأوروبية العالمية ليغادر توتنهام في المستقبل بضعف مبلغ قدومه والذي يقدّر بـ25 مليون يورو (أغلى صفقات توتنهام هذا الصيف)، وهو ما يمكن أن نسمّيه بمفهوم إدارة توتنهام "تعزيزاً ذكياً واستثماراً أذكى".
ناجع هجومياً.. شحيح دفاعياً
من خلال التمعّن في عيّنة من أرقام سون استناداً إلى آخر مباراة خاضها وهي الثانية مع توتنهام فقط والأولى لحساب الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" والتي فاز فيها الفريق الإنكليزي أمس الخميس على ضيفه كاراباغ الأذري (3-1) وبرز فيها الشامشون الكوري بقوّة بتوقيعه هدفين مكّنا السبيرز من التقدّم في النتيجة بعد أن تأخّر بهدف إلى حدود الدقيقة 28 موعد التعديل.
إحصائيات سون تثبت أنّه "في المستوى" هجومياً، خصوصاً نجاعته أمام المرمى وتواجده في التوقيت والمكان المناسبين وهو ما حصل في هدفيه ضد كاراباغ، إذ لم يلزمه أكثر من 5 تسديدات 3 منها مؤطرة ليزور الشباك الأذرية في مناسبتين.
كما تمتّع بمعدّل جيّد جداً من التمريرات الناجحة ببلوغه نسبة 87.5% ولمسه الكرة في 50 مناسبة وقيامه بـ7 مناورات ثنائية، فاز منها بنسبة 71.4 %، بالإضافة إلى أنّ فطنته الدائمة سمحت له بتفادي وضعيات التسلل حيث لم يسقط ضحيتها إلاّ في مناسبة يتيمة.
أماّ في الشق الدفاعي، فحال سون مختلفة تماماً، حيث سيكون بحاجة للعمل بجهد على تلافي العديد من النقائص التي تعيقه، لا سيما أنّه يخوض غمار دوري يعتمد بالأساس على العطاءات البدنية الغزيرة والالتحامات الخشنة، وأرقامه تبرز هذه الصعوبات، إذ حقّق إنزلاقاً واحداً فقط وشتّت الكرة خارج منطقته الدفاعية في مرة واحدة أيضاً، وقطع الكرة مرتين، في حين خسر امتلاكها في 9 مناسبات كاملة.
هل وجد بوتشيتينو ضالّته في سون ؟
لا يخفى على أحد أنّ المدرب الإسباني بوتشيتينو يعتمد اعتماداً كلياً على خطة 4-2-3-1، التي ترتكز على وجود رأس حربة قويّ وهدّاف، بمساعدة أجنحة متميّزة في الجانبين، ومساندة من الخلف يتكفّل بها لاعب مهاري في التمرير عادة أو ما يعرف بـ"صانع الألعاب وإن لم يكن كلاسيكياً في توتنهام".
الاعتماد على التنشيط الهجومي في خطة بوتشيتينو يعتمد أساساً على وجود لاعبين متميّزين في هذا الخط، ولكن لا يبدو أنّ الأخير وجد ضالّته في لاعب معيّن، لا سيما مع التغيّر المستمر للمثلث الهجومي مع الحفاظ على رأسه كين، حيث تراوحت الأدوار بين الخماسي ناصر الشادلي ومواطنه موسى ديميبليه إضافة إلى كريستيان إريكسن وإريك لاميلا والإنكليزيين رايون ميزون وباميديلي ألي.
بيد أنّ مواجهة كاراباغ هي من أتت بالحل المفقود على ما يبدو، حين لعب الكوري سون لأول مرة كرأس حربة صريح بدلاً من كين، وبفضل تحركات قلب الهجوم الجديد، اشتغلت ماكينة السبيرز الهجومية حيث تنوّعت العمليات وتعدّدت وكان الوصول إلى المرمى سلساً، وهو ما عانى توتنهام من افتقاده طيلة المراحل الخمسة الماضية من عمر الـ"بريميرليغ" التي خسر فيها توالياً أمام مانشستر يونايتد (1-0) وتعادل أمام كل من ستوك سيتي (2-2) وليستر سيتي (1-1) وإيفرتون (0-0) وفاز على أرض ساندرلاند (1-0)، جامعاً بالتالي 6 نقاط في رصيده.
حجر عثرة في طريق الرقم 10
قدوم سون وإن كان مفيداً للسبيرز على أكثر من صعيد، فإنّه حتماً سيسبّب صداعاً للبعض الآخر الذي يعاني من أجل إثبات ذاته في هذا الموسم الجديد، والإشارة حصراً هنا إلى صاحب الرقم العشرة في ترسانة السبيرز، ألا وهو النجم المدلّل هاري كين (22 عاماً).
الأكيد أنّ سون لن يترك كين على حاله، فالكوري الجنوبي يتّسم بالاجتهاد وحسن التطبيق، وهما سمتان قد يفضّلهما مدرب السبيرز، على ترقّب انفجار الدولي الإنكليزي في قادم المواعيد، ولعلّ الموعد الأوروبي أمام كاراباغ، الذي دخل فيه كين بديلاً للمتألق سون في الدقيقة 69 دليل على هذا الطرح.
ما يمكن أن يمثّل معرقلاً لكين في هذه الفترة، هو قدرة سون على التكيّف مع كافة مراكز الهجوم، إمّا في الجناحين الأيسر والأيمن أو كقلب هجوم أو حتى خلف المهاجمين، ويعود الفضل في هذا إلى حيويته وحنكته الفائقة على التهديف بكلتا قدميه وبنفس النجاعة.
كما أنّ هذه القدرة على التكيّف قد تكون عاملاً مساعداً لكين نفسه على التحرّر عوض أن يرزح تحت الضغوط الكبيرة التي يعيشها جرّاء الاعتماد عليه كمخلّص أساسي لنتائج المباريات.
تخمينات كثيرة تدور حول سؤال محوري واحد. هل سينسجم سون مع كين ليتحصّل بوتشيتينو على قوّة هجومية ضاربة، أم أنّ توهّج أحد هاذين اللاعبين سيمحو نظيره من تشكيل السبيرز؟