السلسلة الأولمبية 23 - الدورة الثالثة والعشرون 1984- مقاطعة سوفياتية وتميز أميركي
ردّ الاتحاد السوفياتي التحية على الولايات المتحدة وقاطع دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجليس عام 1984 لكن ليس بذات الفعالية فأتت الدورة الأنجح على صعيد المشاركات.
زاهر الحلو
استضافت مدينة لوس انجليس الأميركية النسخة الثالثة والعشرين من الألعاب الصيفية من الثامن والعشرين من تموز/يوليو لغاية الثاني عشر من آب/أغسطس 1984 وسط مقاطعة سياسية جديدة قادها الاتحاد السوفياتي مجدداً ومعه دول كانت يومذاك تدور في فلكه السياسي، وجاء ذلك رداً على المقاطعة الأميركية لأولمبياد موسكو 1980.
إقرأ أيضاً
السلسلة الأولمبية-سوء تخطيط كندي ومقاطعة أفريقية
السلسلة الأولمبية-أميركا ترفض السقوط في نسخة أمنية
السلسلة الأولمبية-المكسيك تطلق بايمون والفوسبري
السلسلة الأولمبية-اهتزاز عرش القوى الأميركية
السلسلة الأولمبية: المقاطعات تعصف بدورة ملبورن
السلسلة الأولمبية – العملاق السوفياتي يسجل حضوره
السلسلة الأولمبية - لندن تخرج العالم من أتون الحرب
السلسلة الأولمبية- عظمة ألمانيا في نسخة عنصرية
السلسلة الأولمبية- أميركا تبهر وترفع السقف عالياً
السلسلة الأولمبية-هولندا تنال حظوتها وكوبرتان يغيب
ولم تكتف الدول بالمقاطعة إذ نظمت الدول التي لم تشارك مهرجاناً خاصة سمتها ألعاب الصداقة، لكن رغم ذلك سجل رقما قياسيا من حيث عدد الدول التي شاركت في لوس أنجليس.
افتتح البطولة الرئيس الأميركي رونالد ريغان وردد القسم الاولمبي لاعب ألعاب القوى الأميركي ادوين موزس، فيما ردد القسم الرسمي شارون ويبير لاعبة الجمباز، وأضاء الشعلة رافير جونسون لاعب ألعاب القوى.
تنظيم مميز
اختيرت المدينة الأميركية للاستضافة في المؤتمر الثمانين للجنة الاولمبية الدولية في الثامن عشر من شهر أيار/مايو 1978 في مدينة أثينا اليونانية، وباتت حينها لوس انجليس غداة اختيارها ثالث مدينة نالت شرف الاستضافة مرتين، وقد تم اختيارها دون منافسة تذكر إذ أن المدينة الوحيدة التي كانت مرشحة للمنافسة هي العاصمة الإيرانية طهران، لكنها انسحبت من السباق.
وللمرة الأولى في التاريخ الاولمبي تم تأمين موازنة البطولة من أموال قطاعات خاصة، وتجنب المسؤولون الاقتراض من البنوك مستفيدين مما حل بمونتريال 1976 حيث غرق المنظمون بالدين جراء القروض.
لذا ولدرء مشكلة مماثلة وضعت اللجنة المنظمة خطة عمل ثلاثية لجلب الأموال، قضت الأولى بزيادة حقوق النقل التلفزيوني فدفعت شركة النقل الأميركية "أ ب ث" مبلغ 225 مليون دولار لشراء الحقوق، وأمنت حقوق الرعاية مبلغ 140 مليون دولار، فيما وفرت 7،8 مليون تذكرة طرحت في الأسواق مبلغ 90 مليون دولار، ووفرت كل تلك العوامل التسويقية ربحاً بلغ 150 مليون دولار الأمر الذي دفع اللجنة الأولمبية الدولية لاعتماد سياسة تسويقية منذ العام 1985، مع إعطاء حقوق حصرية لاستخدام الرموز الأولمبية.
جرى الافتتاح في الثامن والعشرين من تموز/يوليو وقد كان ضخماً مهيباً، تابعه ملياران ونصف المليار عبر العالم، و92 ألف متفرج في الملعب الأولمبي شاهدوا استعراض وفود 140 دولة لاقت ترحيباً كبيراً، إنما التصفيق الأكثر حرارة كانت لوفود يوغوسلافيا ورومانيا والصين لرفضها السير في خطة المقاطعة السوفياتية، وفي نهاية الحفل وبعد خطاب رئيس اللجنة الاولمبية الدولية خوان انطونيو سامارانش تمت إضاءة الشعلة الاولمبية.
مقاطعة سوفياتية
وشأن أولمبيادي 1976 و1980 لم تسلم دورة 1984 كما سبق وذكر من المقاطعة وهذه المرة بقيادة سوفياتية إذ قرر مسؤولوه مطلع العام 1984 عدم المشاركة وأيدهم في القرار مجموعة دول أخرى تؤيد السوفيات سياسيا منها ألمانيا الشرقية وكوبا، ولم تنفع جهود اللجنة الأولمبية الدولية في الحؤول دون حصول هذه المقاطعة التي بلغت عددياً مع السوفيات خمس عشرة دولة. لكن رغم ذلك بلغ المشتركون 140 دولة في رقم قياسي جديد، عشرون منها سجلت الحضور الأول هي بنغلادش، دجيبوتي، بوتان، غامبيا، غريناد، غينيا الاستوائية، جزر سالومون، موريشيوس، موريتانيا، عمان، غينيا الجديدة، قطر، رواندا، ساموا، تايبه، تونغا، اليمن، البحرين وزائير. وسجل أول مشاركة صينية في الألعاب الصيفية.
مثل هذه الدول 6829 رياضي ورياضية بينهم 1566 لاعبة، نافسوا في 221 مسابقة ضمتها 21 لعبة رياضية ضمت للمرة الأولى الجمباز الإيقاعي، والسباحة الإيقاعية، والرياضات هي: ألعاب القوى، الشراع، كرة سلة، ملاكمة، كانوي كاياك، الجمباز، الدراجات، الفروسية، سلاح المبارزة، كرة قدم، رفع أثقال، الجمباز، كرة اليد، الهوكي على الحشيش، الجودو، المصارعة، الخماسي الحديث، ألعاب الماء (سباحة، سباحة إيقاعية، غطس، كرة ماء)، الرماية، القوس والنشاب، الشراع كرة الطائرة. وقد تصدرت الولايات المتحدة في النهاية بفارق شاسع عن الثانية رومانيا، إذ جمعت 83 ذهبية، مقابل 20 لرومانيا و17 لألمانيا الغربية.
المسابقات الرياضية
سيطرت الولايات المتحدة على المسابقات الرياضية بصورة كاسحة وكان ذلك أبرز عنوان للمسابقات، لكن عناوين فرعية أخرى برزت مثل، فوز جوان بنوا بأول ميدالية أولمبية لسباق الماراتون للنساء، وحصول الأميركي الشهير كارل لويس على أربع ذهبيات في المئة والمئتي متر والوثب الطويل والبدل 4×100م، ونجح البريطاني سيباستيان كو في أن يصبح أول من احتفظ بلقبه بسباق الـ1500م عدواً لدى الرجال. وتألق في السباحة أربعة سباحين هم الكندي أليكس بونمان الفائز بذهبيتين، والألماني ميكايل غروس الذي نال أربع ميداليات، والأميركيان رودي غينس وريك كاري وقد فاز كل منهما بثلاث ذهبيات.
إذا كان الأميركي كارل لويس وفي أول ظهور أولمبي له نجماً فوق الطبيعة في اولمبياد لوس أنجليس 1984 بحصده في أم الألعاب أربع ذهبيات معادلاً إنجاز مواطنه الخارق جيسي أوينز في أولمبياد 1936، وقد حقق بداية ذهبية المئة متر مسجلاً 9،99ث متفوقاً على مواطنه سام غرادي بفارق كبير إذ سجّل 10،19ث، ثم حقق ذهبية الوثب الطويل مسجلاً 8،54م وعزز بلقب أولمبي ثالث في المئتي متر حيث تفوق على مواطنه كيرك بابتيست مسجلاً 19،80ث، ومن ثمّ عزز بذهبية رابعة في سباق البدل 4×100م مع رقم عالمي جديد بلغ 37،83ث.
وبعد 8 سنوات على لقبه في مونتريال 1976 حقق العداء ادوين موزيس ذهبية الـ400 م حواجز، ونالت مواطنته فاليري بريسكو-هوكس ثلاث ذهبيات في المئتي والـ400م و4×400م، ونال روجر كينغدوم ذهبية الـ110م حواجز مع رقم أولمبي 13،20ث، كما حطم البرتغالي كارلوس لوبيس ذهبية الماراتون بوقت أولمبي جديد 2،09،21س، وبعد إنجازها العام 1972 حين كانت أصغر بطلة أولمبية عن عمر 16 عاماً وقتها تمكنت الألمانية الغربية أولرايك ميفارث من الفوز بذهبية الوثب العالي مسجلة 2،02م.
وخلت منافسات السيدات من أي رقم عالمي كان أم اولمبي في حين أن منافسات الرجال شهدت رقمين عالميين وثلاث أولمبية، وذلك بسبب غياب السوفيات والألمان الشرقيين تحديداً. لكن البارز أيضاً لدى النواعم فوز الأميركية جون بينوت بأول سباق ماراتون للسيدات في التاريخ الأولمبي 2،24،52س، أمام النروجية غريتي وايز التي سجلت 2،26،18س، والبرتغاليو روزا موتا 2،26،57س، وعموماً تصدرت الولايات المتحدة برصيد 16 ذهبية مستعيدة هيبتها مقابل أربع ذهبيات لألمانيا الشرقية.
وفي ظل غياب بطلات الاتحاد السوفياتي باتت الأميركية ماري لو ريتون أول لاعبة جمباز غير أوروبية فازت بمسابقة الفردي العام، حاصدة ما مجموعه خمس ميداليات بشكل عام في البطولة، وتسلطت الأضواء أيضاً على الرومانية إيكاترينا زابو التي كانت الرياضية الأكثر تتويجاً بين جميع المشاركين والمشاركات في الأولمبياد بفوزها بأربع ذهبيات وفضية واحدة، أما رجالاً وفي أول مشاركة صينية حقق الصيني لي نيغ ست ميداليات بينها ثلاث ذهبيات. وقد تقاسمت ثلاث دول في النهاية العدد نفسه من الذهب فنالت كل من الولايات المتحدة ورومانيا والصين خمس ذهبيات مع فارق في الفضة والبرونز لصالح الولايات المتحدة أمام الصين فرومانيا.
تألق مغربي
عربياً جاء التألق كبيراً ومميزاً لأول مرة، وكان عنوانه المغرب الذي نال ذهبيتين ومصر فضية وسوريا فضية. وجاء تألق المغرب في ألعاب القوى عبر الرائعين سعيد عويطة ونوال المتوكل، فقد فاز عويطة بذهبية الـ5000م محققا زمنا اولمبيا جديدا في حينها، 13،05،95د، أما المتوكل فقبضت على ذهبية الـ400م حواجز مسجلة 54،61ث أمام أميركية ورومانية، فيما فضية مصر نالها محمد علي رشوان في الجودو في الوزن المفتوح وراء الياباني ياسوهيرو ياماشيتا أحد ابرز الأبطال العالميين في زمنه، أما سوريا فنالت فضيتها عبر المصارع جوزف عطيه في الفئة الحرة لوزن الـ100كلغ.
وفي مسابقات أخرى نال رجال وسيدات الولايات المتحدة ذهبيتي كرة السلة أمام إسبانيا رجالاً وكوريا الجنوبية سيدات، وفي الطائرة التي شارك فيها منتخبا تونس ومصر وحلا في المركزين التاسع والعاشر على التوالي من عشرة فرق، نالت الولايات المتحدة ذهب الرجال والصين ذهب السيدات، ونالت يوغوسلافيا ذهبيتي كرة اليد رجالا وسيدات، وفازت باكستان بذهبية الهوكي رجالاً وهولندا لدى السيدات، ونالت يوغوسلافيا أيضاً ذهبية كرة الماء.
نوادر
ملك العدو المتوسط
سعيد عويطة
عداء مغربي من مواليد 1960، أفضل من عدا المسافات المتوسطة من 800م و1500م بالإضافة إلى 5000م في الثمانينات من القرن الماضي حمل الرقم العالمي في الـ1500م من 23 آب/أغسطس العام 1985 حتى السادس من أيلول/سبتمبر 1992، وفي الـ3000م من 20 آب/أغسطس 1989 حتى 16 آب 1992، بالإضافة لأرقام داخل القاعة.
حقق ذهبية الـ5 آلاف متر في لوس انجليس 1984، وبرونزية الـ800م في سيول 1988، وبطل العالم في الـ1500م العام 1983 والـ5آلاف متر العام 1987. كان الوحيد الذي يمكنه ركض الـ800م بـ1،44 تقريباً، والـ1500م بـ3،30د، والـ3 آلاف متر بـ7،30د تقريباً، والـ5 آلاف متر بـ13د تقريباً. فاز بين أيلول/سبتمبر 1983 وأيلول 1990 بـ115 سباقاً من 119 خاضها.
نجمة المغرب
نوال المتوكل
عداءة سرعة مغربية تخصصت في الـ400م حواجز، الذي نالت ذهبيته في لوس انجليس 1984 بعدما خاضت سباقاً ممتازاً تصدرت في خلاله منذ البداية حتى العبور محسنة رقمها الشخصي بـ0،76 ث، كانت أول من منح المغرب ذهبا اولمبيا، وشكل انتصارها حينها فرحاً عظيماً بين مواطنيها الذين نزلوا الشوارع احتفالاً ببطلتهم، اختيرت العام 1998 عضواً في اللجنة الاولمبية الدولية، وتولّت وزارة الرياضة في بلادها.
إقرأ أيضاً
السلسلة الأولمبية-نسخة طرزان والفنلنديين الطائرين
السلسلة الأولمبية-إعجاز بلجيكي يخلع رداء الحرب
السلسلة الأولمبية – قارات العالم تتآخى في السويد
السلسلة الأولمبية: لندن تسجل نقلة نوعية وقياسية
السلسلة الأولمبية- فوضى وغش وأميركا تكرر خطأ فرنسا
السلسلة الأولمبية- إخفاق فرنسي مدو وحضور لطيف أول
السلسلة الأولمبية- الألعاب الحديثة تشرق من اليونان
السلسلة الأولمبية- كيف أحيا كوبرتان الألعاب مجدداً
السلسلة الأولمبية: ما يجب معرفته عن الحركة الدولية
السلسلة الأولمبية: أساطير الإغريق قيم عابرة للعصور
انطلاقة الأسطورة
مايكل جوردان
شكلت نسخة 1984 الظهور ما قبل الأخير للهواة في الألعاب الأولمبية، في لوس انجليس لمع اسم نجم بات فيما بعد أعظم من لعب كرة السلة، مايكل جوردان الاميركي الطائر، رسم انطلاقته من بلاده حيث تصدّر في أولمبياد 1984 قائمة المسجلين في صفوف فريقه الأولمبي بـ17،1 نقطة وقاد بلاده لذهبية المسابقة، احترف السلة بعد ذلك وبات الأعظم دون منازع تاريخياً، اختير أفضل لاعب في الدوري الأميركي للمحترفين خمس مرات، وتصدر المسجلين عشر مرات، العام 2003 وصل معدله في الموسم إلى 30،1 نقطة وهذا المعدل الأعلى تاريخياً. العام 1992 أحرز ذهبيته الأولمبية الثانية مع فريق المحترفين "دريم تيم" أو الفريق الحلم.
البطل الذهبي
كارل لويس
عداء ولاعب وثب طويل أميركي، هو واحد من أربعة عدائين فقط في التاريخ أحرزوا تسع ذهبيات، وواحد من ثلاثة فاز بنفس المسابقة أربع مرات. فاز العام 1984 بأربع ذهبيات، العام 1988 في سيول احتفظ بلقب المئة متر بعد استبعاد الفائز الرئيسي الكندي بن جونسون بسبب المنشطات، وفاز أيضاً بالوثب الطويل وفضية المئتي متر، في برسلونة 1992 فاز بذهبية ثالثة في الوثب الطويل هازماً مايك باول حامل الرقم العالمي بثلاث سنتيمترات، وكرر الانجاز في اتلانتا 1996 حيث فاز بذهبية رابعة في الوثب الطويل بعد معاناة في التأهل.