الخليفي في مقابلة مطولة عقب اختياره الشخصية الأكثر تأثيرا في كرة القدم
في حديث مطول مع فرانس فوتبول تناول جميع جوانب كرة القدم من الموقع القيادي والتأثير على العالم بمختلف جوانبه.
ترجمة وإعداد: زاهر الحلو
عقب اختيار رئيس نادي باريس سان جيرمان القطري ناصر الخليفي الشخصية الأكثر تأثيرا في عالم كرة القدم، أجرت مجلة "فرانس فوتبول" حديثا موسعا معه تطرقت خلاله إلى كافة الجوانب القيادية من موقعه والمسؤوليات المناطة.
وتطرقت أسئلة المقابلة المطولة إلى أكثر من جانب وموضوع من الزاوية القيادية والتأثيرية في عالم الرياضة من جهته، ومن جهة الإداريين والمسؤولين واللاعبين وغيرهم، إلى نفوذ الخليفي وسياساته وكيف يطوعها لتحقيق الأهداف المرسومة والخطط المستقبلية، وأسئلة شخصية أخرى تدور حول علاقته بالنجوم والرياضيين واللاعبين، وأساليب قيادته ومقارباته التي أدت إلى النجاحات المختلفة.
وتحدث رئيس النادي الباريسي عن شخصيات مؤثرة عديدة، أمثال ألكسندر تشيفيرين وجياني انفانتينو وتوماس باخ وكريستيانو رونالدو والسير اليكس فيرغسون ومايكل جوردان وزلاتان ابراهيموفيتش وديفيد بيكهام ومدى تأثيراتهم على الرياضة والحياة وخصائصهم الرياضية والشخصية.
واستعرض أهمية كرة القدم في الحياة وتأثيرها على الشعوب والحياة عموما وكيف تعتبر وسيلة قوية تجمع البشر وتؤسس للتلاقي رغم احتمالية وجود اختلافات أخرى في محالات متعددة.
وأكد الخليفي أنه لا ينطلق من منصبه لتحقيق الأهداف، مؤكدا أن الأمر لا يعنيه من حيث المنصب بل الأساس في العمل بشكل صحيح وكسب احترام الآخرين والبقاء متواضعا وتحقيق النتائج، مؤكدا أن مؤسسة باريس سان جيرمان هي أكبر من أي اعتبار وتقوم على الانصهار والتكامل لتحقيق الأهداف.
وهنا نص المقابلة كاملا.
١- من تسمي كأفضل 5 شخصيات مؤثرة في كرة القدم العالمية؟
هذا السؤال صعب للغاية للبدء به، فالآن هناك الكثير من الملّاك والرؤساء والمدراء واللاعبين وحتى الجماهير يعدون من المؤثرين. صدقوني، يوجد الكثير من الأشخاص المؤثرين، أكان في الكرة الفرنسية أو على المستوى العالمي. ولكن فقط الذين يملكون النوعية يمكنهم إحداث التغيير. لا أريد أن أسمي لائحة بالخمسة الأوائل، عدا أنها غير جيدة بحق من لن أذكرهم، ولكن أريد التنويه بقيادي مثل ألكسندر تشيفيرين في رئاسة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فقد أظهر أنه مؤثرُ جدا خلال ولايته، وهو شكل قوة توحيد مطلوبة بشدة لكرة القدم الأوروبية والعالمية.
٢-من أكثر من يلفت نظرك لمقدرتهم على التوحيد وطرح الأفكار؟
بدون تردد، أذكر أولاً السير أليكس فيرغسون، ليس فقط لبنائه واحدا من أعظم فرق كرة القدم العالمية، ولكن حضوره كان وما زال مذهلاً. حتى اليوم، عندما يدخل إلى الملعب، تسمع تفاعل المدرجات، يمكنك الشعور بذلك. لقد تشرفت بالتعرف على السير أليكس في السنوات القليلة الماضية، اطلاعه وشغفه بكرة القدم لا يعلى عليهما. يمكن تعلم الكثير بالاستماع إلى مثل هذه الأساطير في كرة القدم العالمية.
وطبعا، مايكل جوردان هو ليس له علاقة مباشرة في كرة القدم ولكن ما زال تأثيره قوي للغاية حتى بعد اعتزاله. فهو لم يكن فقط أعظم لاعب في كل الأزمنة على الملعب، بل ما زال حتى الآن. بعد أن أعلن اعتزاله وعلّق حذاءه Air Jordans ما يزال لديه الشغف والقيادة وهو حتى اليوم لا يزال مؤثرا في الأجيال الصاعدة التي لم تره يلعب أبدًا. لقد أطلق واحدة من أعظم العلامات التجارية وأكثرها شهرة في العالم، وكان من دواعي سروري العمل معه عندما قام سان جيرمان بتوأمة مع جوردان لإطلاق علامة رياضية مبتكرة بهدف جمع رياضاتنا سوية عبر الأسواق العالمية.
خارج عالم كرة القدم أنا معجب كثيرا وأحترم رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ ، الذي ساعد على عملية التحول في الحركة الأولمبية، والذي ببرنامجه الحديث قدم درساً ثميناً في كيفية توحيد مؤسسة معقدة للغاية.
٣-ما هو التأثير الحقيقي لك: اقتصادي أم رياضي أم شعبي؟
الأهمية الأكبر للعبة. هذا ما يجعل كل شيء وكل شخص منصهرا للهدف، من المشجعين إلى اللاعبين إلى المجتمعات والنادي. بالطبع الرياضة والاقتصاد يرتبطان على نحو وثيق، والعاملان يعدان حاسمان لتطوير الأعمال الرياضية بشكل فعال، لكن الشعبية والاقتصاد يلحقان الرياضة التي تأتي في المقام الأول. الرياضة هي التي تحرك الشغف.
يبدو واضحا الآن أنه يعاد التفكير في اقتصاد كرة القدم في ضوء الأزمة الحالية التي تتطلب الشعور بالمسؤولية من قادة كرة القدم في قطاع يؤمن العيش لعشرات الآلاف من الناس في فرنسا وحول العالم. نحن لا نستخف بهذه المسؤولية، من الضروري للغاية الأخذ في عين الاعتبار القدرة الاستثنائية لكرة القدم على جمع الناس من جميع أنحاء العالم، ودمجهم سوية وتبادلهم شجون الحياة والعواطف. أحد أفضل الأمثلة الحديثة على ذلك يتمثل بكأس العالم في روسيا، حيث جاء المشجعون من جميع أنحاء العالم لتشارك نفس الشغف مع كل الحماسة وفي جو من الفرح، كان رائعا رؤية ذلك.
٤-هل تشعر بنفوذ وتأثير أكبر الآن مما كنت عليه عندما دخلت كرة القدم عام 2011؟
لا أفكر في الأمور من مبدأ التأثير، نحاول كسب الاحترام بنفس الطريقة التي احترمنا بها الآخرين دائمًا. لكسب الاحترام، تحتاج إلى سنوات من العمل الشاق من العديد من الأشخاص مع رؤية واضحة. أنا فخور جداً بما حققناه لحينه لكننا ما زلنا في بداية المشوار والطريق أمامنا طويلاً. هذا المشروع لا يعني النادي فقط، ولكن أيضًا كرة القدم الفرنسية بأكملها والمجتمعات المختلفة المحيطة. لهذا السبب حاولنا دائمًا الاستثمار بذكاء سواء كنا نضم اللاعبين أو نطور المواهب أو نجدد وننشئ مرافق على أعلى مستوى مثل مركز التدريب الجديد الخاص بنا، أو نستثمر في أمور تعني لنا مثل كرة القدم النسائية وكرة اليد والجودو والرياضة الإلكترونية، وبالطبع الالتزام العميق بمؤسسة باريس سان جيرمان التي تغير الحياة كل يوم.
٥- كريستيانو رونالدو وجياني إنفانتينو جنبك كأكثر الشخصيات تأثيراً، ما الذي يملكونه وأنت لا تملكه، وسيكون مفيدًا لك في عملك؟
هذا شرف عظيم ومفاجئ أن تتم تسميتي إلى جانب هؤلاء الأشخاص المحترمون.
يملك كريستيانو رونالدو تفكيرا مميزا وفريدا من نوعه، وخصائص شخصية قوية لا تضاهى. لا يزال لديه الدافع في التطور كل يوم وهو يدفع نفسه دائمًا إلى أقصى حد. أنا أعشق رغبته هذه غير المتناهية وهو قدوة رائعة لجميع الرياضيين الطموحين. سخاؤه خارج الميدان لا يحظى دوماً بما يكفي من التقدير، فهو يقضي الكثير من الوقت ويبذل المجهود في العطاء.
الأمر ذاته بما يتعلق بالسيد إنفانتينو، الذي أتى ليقود إحدى أهم المنظمات وأكثرها تأثيراً في العالم، إنها منظمة تتجاوز كرة القدم من حيث حجمها وشموليتها ودورها.
٦- من ترى أنه الأكثر تأثيراً: رؤساء الأندية، المؤسسات، وكلاء اللاعبين أو النجوم؟
أقابل الكثير من الناس في هذا المجال، ولدى الكثير منهم تأثير كبير. لكن في باريس سان جيرمان الأهم هي المؤسسة بحد ذاتها، هذا فوق كل اعتبار. العاملون في باريس سان جيرمان يعرفون هذا، ويتم توضيح ذلك لكل من ينضم منذ البداية.
في ظل الأزمة الراهنة يبدو جليا أنه سيكون الرؤساء مسؤولين عن إظهار قيادة أكثر حسما عندما نخرج من المشكلة. كما أن اللاعبين كقدوة للعديد من الجيل الشاب عليهم تحمل المزيد من المسؤوليات.
٧- ما الفخ الذي يجب تجنبه عندما تكون شخصا مؤثراً؟
بمعزل عن مركزك أو دورك في الحياة، يجب ألا تكون متعجرفاً أو راضياً وتعتقد أنك حققت النجاح، يجب ألا تنسى أبدًا خلفيتك ومن أين أتيت، ولكن دائمًا امض قدمًا، دائما كن على استعداد للتعلم والاستماع والتركيز على أهدافك.
المفتاح هو أن يكون لديك رؤية وإظهار التواضع. في الرياضة، لا ينبغي أن تفكر في أي شيء أنه مؤكد على الإطلاق، فيمكن أن تنهار الأمور فجأة. ولكن إذا كان لديك تواضع وتعلمت من أخطائك دوما، ستحقق رؤيتك. ولنتذكر دائمًا أن الرياضة هي دورة متكررة إلى ما لا نهاية، ولهذا السبب نحبها.
٨- في عام ٢٠٢٠، هل من الممكن امتلاك القوة وتطبيقها دون امتلاك الموارد اللازمة للقيام بذلك؟
كما أقول دائمًا الموارد تساعد لكنها ليست الأهم. فأنت بحاجة لمعرفة كيفية استخدام ما تملكه من موارد بطرق متعددة ومفيدة. لا يمكن للموارد أن تشتري الشغف أو الرؤية أو النجاح.
كرة القدم رياضة العالمية، ويجب عليك التذكر لماذا يأتي المشجعون ويشاهدون أسبوعيا، هذا بسبب شغفهم باللعبة.
٩- هل السلطة مفرحة؟ كيف تتجنب ارتكاب الأخطاء؟
أنا لا أنظر إلى نفسي بهذه الطريقة. لا مفر من ارتكاب الأخطاء في بعض الأحيان مهما فعلت، ولا عيب في الإقرار بذلك عندما ترتكب خطأ. ردة الفعل هي ما يهم ويجب التعلم لعدم ارتكاب نفس الأخطاء مرة أخرى.
١٠- ما الذي يمنحك السلطة والتأثير الأكبر في العالم: رئيس سان جيرمان، رئيس مجموعة beIN الإعلامية أو وزير الدولة؟
بالنسبة لي ليست الأدوار أو المناصب أو الألقاب التي تهم. لم أكن أبداً مندفعا بسبب هذه الأمور، بل أفضل أن أركز على النتائج.
من حيث السلطة والتأثير، يوجد ما يكفي من الصحفيين كي يحللوا ويعلقوا.
١١- كيف يساعدك نفوذك خارج الرياضة؟
عندما نشأت، تعلمت أنه يجب مساعدة الآخرين قبل مساعدة نفسك، هذا جزء من نسيج مجتمعنا وتربيتنا.
سبق وأخبرتك عن مؤسسة باريس سان جيرمان وسوف أصر على هذه النقطة. كرة القدم تتعلق بمشاركة العواطف، ولها قدرة لا مثيل لها على جمع الناس الذين قد ينقسمون في نواح أخرى من حياتهم. أيضًا، تتمتع كرة القدم بالقوة لتحقيق الراحة والأمل للعديد من الأشخاص الذين يمرون بأوقات صعبة في حياتهم وأشعر أنه لدينا مهمة أخلاقية كبيرة تجاههم، وخاصة تجاه الأطفال. مؤسستنا التي ستحتفل بمرور 20 عامًا في سبتمبر، ساعدت أكثر من 250.000 طفل، معظمهم في فرنسا ولكن الآن خارجها أيضا حيث قمنا بتطوير العديد من المشاريع مع إجراءات لمكافحة الجوع في إفريقيا. لقد جددنا مؤخرا اتفاقنا مع Secours Populaire (إغاثة الناس)، كشريك للمؤسسة. وسنستمر في تطوير Ecoles Rouge & Bleu (مدارس الأحمر والأزرق)، لتوفير المساعدات التعليمية وهذه القيم المدنية عزيزة على نادينا. باختصار، أي شخص لديه القدرة على التفكير دائمًا في الأشخاص الأقل حظًا هي تلك روح مؤسستنا. وهذا هو السبب في أننا أهدينا لقب الدوري 2019-2020 لجميع العاملين في المجال الطبي والأبطال الحقيقيين الذين يقاتلون بشجاعة وبسالة منذ بداية الأزمة الصحية.
١٢- ما هو المكان الأكثر صعوبة لفرض وجهات نظرك: غرفة الملابس مع لاعبيك، مجلس رؤساء الدوري الفرنسي للدرجتين الأولى والثانية للحديث عن حقوق النقل التلفزيوني، أو غرفة اجتماعات مع ممثلي الأندية الأوروبية الكبرى؟
لكل بيئة تحدياتها الخاصة وصعوباتها، تحتاج فقط إلى التكيف معها. إن الأزمة الحالية هي دون شك واحدة من أصعب المواقف التي واجهتها، ولكن المهم كيف تتفاعل مع الصعاب. علينا أن نسأل أنفسنا كيف نخرج أفضل ما نملك.
مثال على ذلك، العديد من رؤساء الأندية في أنحاء فرنسا يقدمون مجهودا استثنائيا وغير أناني لصالح أنديتهم ومعجبيهم ومجتمعاتهم المحلية كل يوم، وهذا ما قد يكون أصعب تحدٍ قد يواجهونه على الإطلاق. يجب تهنئتهم، ففي كثير من الأحيان لا يحصلون على التقدير المستحق.
١٣- هل تشعر بأنك شخص قوي؟ وبأي نوع من المسؤوليات؟
لا على الإطلاق، الأمر الوحيد الذي أشعر به هو المسؤولية وليس القوة. المسؤولية تجاه مشاريعنا في النادي والمشجعين ومدينتنا ومجتمع باريس سان جيرمان. القوة من أجل السلطة والبحث بهوس عن الشهرة والأضواء أمر فيه غرور فقط كما الجميع يعلم. بالطبع هنالك نقد مع المسؤولية في كثير من الأحيان ولا مشكلة لدي في ذلك. وفي عالم الإعلام الحديث هذا هو الثمن الذي يجب أن تدفعه، لكنني آمل مع هذه التسمية (التصنيف) آمل ألا أحصل على المزيد من ذلك.
١٤- من بين جميع اللاعبين الذين قابلتهم (في باريس سان جيرمان أو أي مكان آخر)، أي لاعب (أو لاعبين) أعجبك أكثر ومن سيكون لديه تأثير كبير خلال بضع سنوات مع مسؤوليات كثيرة؟
حصلت على شرف العمل مع الكثير من اللاعبين الرائعين على مر السنين، من الصعب جدا الاختيار. فيما يخص اللاعبين الذين التحقوا بنا منذ انطلاق طموح باريس سان جيرمان، أختار زلاتان إبراهيموفيتش، شخصيته وقيادته وجاذبيته وقدرته على دفع الأمور للأمام. لقد ساعدنا على التقدم كثيرا خلال وجوده معنا، في الميدان طبعا، وأيضًا في الكثير من مجالات الحياة اليومية. كان بالإمكان الاعتماد عليه دوما، وكان حاضرا عند الحاجة.
أريد أيضا ذكر ديفيد بيكهام، فحين كان في باريس سان جيرمان لفترة قصيرة فقط، كان له تأثير تغييري، روحه في التدريب، ودقة ملاحظته للتفاصيل، التزامه وارادته لتحقيق النجاح، روحه الجماعية وطبيعته، كانت أمور ثمينة جدا، وتجدها اليوم في أنشطته الجديدة. كما أظهر ديفيد دماثة استثنائية وخصص وقتًا كبيرًا للجماهير، على الرغم من وضعه كنجم. من وجهة نظري، هو من الأمثلة والقدوات للاحتذاء بها لأي ولد أو فتاة مع طموح بلوغ مستوى رياضي احترافي.