التكنولوجيا في كرة القدم علامة فارقة في مسيرة اللعبة
هل حانت اللحظة المناسبة لاستخدام تقنية المقاطع المصورة "فيديو" في كرة القدم؟ فقد بدأت الأدوات التكنولوجية المختلفة منذ سنوات في التسلل تدريجيا إلى اللعبة الشعبية الأولى في العالم، إلا أن مباراة الثلاثاء الماضي بين فرنسا وإسبانيا شهدت حضورا طاغيا ومفاجئا للتكنولوجيا، عندما تدخلت مرتين لتصحيح قرار الحكام، مما يجعل من ذلك اللقاء علامة فارقة في تاريخ تطور هذه الرياضة واعتمادها على التكنولوجيا بشكل ملموس.
وغير الاعتماد على الفيديو نتيجة ودية فرنسا وإسبانيا في باريس بشكل جذري، فيما تسببت بعض المقاطع المصورة عبر كاميرات التليفزيون على الجانب الأخر من المحيط الأطلنطي، في ابتعاد ليونيل ميسي عن المنتخب الأرجنتيني خلال المرحلة الحاسمة من عمر تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لمونديال روسيا 2018.
وشهدت المباراة قرارين خضعا لسطوة التكنولوجيا وأدواتها الجديدة المختلفة، التي تهدف إلى إيجاد أرضية مشتركة مع قرارات الحكام وإلى التدليل على أن العدالة في كرة القدم لم تعد تعتمد على ما يقرره حكم الساحة وحده داخل الملعب.
وطلت علينا التكنولوجيا بوجهها المميز في بطولات كبرى في الماضي، مثل مونديال البرازيل 2014، عندما تم إدراج تكنولوجيا خط المرمى لتحديد الأهداف الصحيحة وإلغاء الأهداف الخاطئة.
وكانت للعقوبات التي يتم توقيعها بالاستعانة بكاميرات البث التليفزيوني سوابق شهيرة، مثل واقعة "عض" لويس سواريز لمدافع المنتخب الإيطالي في مونديال البرازيل، بالإضافة إلى إنها أصبحت وسيلة اعتيادية في مسابقة الدوري الإنجليزي.
بيد أن تقينة الفيديو، التي وافق عليها مجلس اتحاد الكرة الدولي "ايفاب" لافي أذار/ مارس الماضي في كارديف بدأت تتخذ خطوات أبعد رغم مخاوف بعض المتحفظين، الذين يرون أن طبيعة لعبة كرة القدم تتأثر وتتغير جراء اللجوء إلى مثل هذه التقنيات.
وبعد أن تعرضت لانتقادات واسعة خلال بطولة كأس العالم للأندية الأخيرة، شهدت الاستعانة بتقنية الفيديو تطورا ملموسا خلال مباراة المنتخبين الفرنسي والإسباني.
وقال الألماني فيليكس زفاير، حكم مباراة فرنسا وإسبانيا: "لقد كانت تجربة إيجابية، بفضل تقنية الفيديو تمكنا من الحكم على جميع الحالات بشكل صحيح".
وأضاف: "التعاون مع تقنية الفيديو كان مثمرا وسريعا واحترافيا للغاية، عندما كنت أشير إلى اللاعبين بالأخطاء كنت أتواصل في نفس الوقت مع الحكم المسؤول عن تقنية الفيديو، لقد تقبلوا الموقف باحترام".
وكان لتقنية الفيديو تدخلا حاسما في المباراة، التي فازت بها إسبانيا 2-صفر، حيث أن المباراة كانت لتنتهي بالتعادل الإيجابي 1-1 لولا تدخل الحكم المسؤول عن تقنية الفيديو توبياس ستيلر، الذي يحمل الجنسية الألمانية أيضا.
ولجأ زفاير إلى المقاطع المصورة لاحتساب هدف لصالح اللاعب الأسباني جيرارد ديولوفيو، كان قد ألغي بداعي التسلل.
وبالإضافة إلى ذلك، ألغى الحكم الألماني هدفا لصالح المنتخب الفرنسي، أحرزه المهاجم أنطوان جريزمان، بعد اللجوء مرة أخرى لتقنية الفيديو، التي أكدت تسلل لاعب أتلتيكو مدريد.
واستغرق تصحيح القرارين المثيرين للجدل في مباراة أول أمس من خلال تقنية الفيديو 25 و20 ثانية على الترتيب، بالإضافة إلى ذلك احتاج ستيلر إلى 10 ثوان لاحتساب ركلة جزاء لصالح أسبانيا من خلال الفيديو أيضا.
وعلى الجانب الأخر، عوقب النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بالإيقاف أربع مباريات، بعدما رصدته عدسات الكاميرات التليفزيونية وهو يوجه إهانات للحكم المساعد في مباراة منتخب بلاده أمام تشيلي يوم الخميس الماضي.
وأثارت هذه العقوبة جدلا واسعا، رغم تأكيد الفيفا أن لجنة الانضباط التابعة له استندت على وقائع سابقة مشابهة قبل اتخاذ قرارها.
وعلى أي حال، وسواء كانت هذه المستجدات خيرا أو شرا، فإنه من الواضح أن كرة القدم لن تعود بعد ذلك لما كانت عليه يوما ما.