روسيا تترقب حكم محكمة التحكيم الرياضية
تترقب روسيا اليوم الخميس حكم "كاس" بشأن مصيرها في فضيحة التنشط الممنهج.
تصدر محكمة التحكيم الرياضية ("كاس") الخميس حكمها بشأن تأكيد أو إلغاء استبعاد روسيا من المشاركة في المنافسات الرياضية الكبرى لمدة أربع سنوات من قبل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات ("وادا")، بسبب التنشط الممنهج للدولة الروسية في آخر فصل من الملحمة المستمرة منذ فترة طويلة.
وستعلن المحكمة التي مقرها لوزان حكمها الذي طال انتظاره، على موقعها الرسمي على الإنترنت في تمام الساعة 15 بتوقيت غرينيتش، وذلك بعد جلسات استماع استمرت لمدة أربعة أيام بين "وادا" ووكالة مكافحة المنشطات الروسية ("روسادا") في مكان سري الشهر الماضي.
ووقعت المواجهة أمام ثلاثة قضاة في محكمة التحكيم الرياضية في أعقاب مجموعة من العقوبات التي اقترحتها وادا في كانون الأول/ديسمبر 2019 ورفضتها روسادا، بسبب التلاعب ببيانات فحوص المنشطات في مختبر موسكو للفترة بين 2011 و2015.
وكان الكشف الكامل عن البيانات من مختبر موسكو شرطا رئيسيا لإعادة روسيا الى كنف العائلة الدولية من قبل "وادا" في أيلول/سبتمبر 2018 بعد حظر دام قرابة ثلاثة أعوام على خلفية الكشف عن برنامج واسع النطاق لدعم التنشط بإشراف الدولة بين العامين 2011 و2015.
واعتبرت "وادا" أن البيانات التي تم تسليمها كانت مليئة بالمشاكل، واصفة إياها بأنها "ليست كاملة أو ليس موثوقا بها تماما"، مشيرة الى أن المئات من النتائج التحليلية قد أزيلت، بينما تم حذف البيانات الأولية والملفات.
وفي حين أن بعض النتائج قد حذفت في 2016 أو 2017، بعد انكشاف فضيحة التنشط، أزيلت معلومات أخرى في كانون الأول/ديسمبر 2018 أو كانون الثاني/يناير من هذا العام، أي قبيل تسليم البيانات إلى "وادا".
وكان مقررا أن تعقد جلسة الاستماع في تموز/يوليو الماضي، بيد أن المحكمة قررت مطلع حزيران/يونيو الماضي "تأجيلها إلى تشرين الثاني/نوفمبر (من 2 إلى 5) في سياق أزمة فيروس كورونا المستجد"، مضيفة أن هذه الجلسة لن تكون علنية، على الرغم من مطالب وادا، في مكان لم يتم تحديده.
لكن وبسبب عدم وجود اتفاق بين الأطراف، فإن القضاة الثلاثة الذين عيَّنتهم "كاس" بحثوا هذه القضية خلف أبواب مغلقة في مكان سري في لوزان.
الغياب عن 3 دورات أولمبية ومونديال 2022
هذا الخلاف الذي لا مثيل له في تاريخ العدالة الرياضية، يكتسي أهمية للرياضيين الروس المهددين بالغياب لمدة أربع سنوات عن المسابقات الدولية، وادا التي بذلت جهودا استقصائية غير مسبوقة، والعالم الرياضي واللجنة الأولمبية الدولية في المقام الأول، قبل سبعة أشهر من انطلاق أولمبياد طوكيو.
وطالبت وادا باستبعاد الرياضيين الروس لمدة أربع سنوات ما يعني غيابهم عن دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو العام المقبل وكذلك كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2022 في الصين ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2024 في باريس.
وكان رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ أعلن في كانون الثاني/يناير الماضي أن اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الدولية بحاجة إلى قرار محكمة التحكيم الرياضية "الذي لا يترك مجالا للتأويل".
ودعا باخ "كاس" إلى اتخاذ قرار دون غموض "لأنه إذا كان هناك مجال للتفسير، يمكن أن يكون لدى الاتحادات الدولية قراءات مختلفة وهذا من شأنه أن يؤدي إلى حيرة تامة".
وحدّدت وادا نوعين من التلاعب: حذف آثار نتائج إيجابية لفحوصات منشطات، ودس رسائل ملفقة وزائفة في قاعدة بيانات أساسية بين تشرين الثاني/نوفمبر 2018 وكانون الثاني/يناير 2019، وذلك في محاولة لدعم نظرية أن المدير السابق لمختبر موسكو غريغوري رودتشنكوف الذي كان خلف الشرارة الاولى للكشف عن فضيحة التنشط الممنهج، قد أدخل، واثنين من نوابه، بيانات زائفة في النظام كجزء من مؤامرة ابتزاز.
لذلك، قررت وادا المصادقة على توصية لجنة مراجعة الامتثال التابعة لها والتي لا تقتصر فقط على استبعاد روسيا عن المشاركة في الأحداث الرياضية الكبرى لمدة أربع سنوات، بل حرمانها من التنظيم على أراضيها. فقط الرياضيون الذين يثبتون عدم لجوئهم إلى المنشطات سيكونون قادرين على المشاركة تحت راية محايدة.
وبعيدًا عن كونها مقتصرة على مناوشات خبراء الكمبيوتر، فإن القضية تعود إلى عام 2010، وتتعلق بالأجهزة السرية ووزارة الرياضة الروسية، وأثارت التوترات بين موسكو والهيئات الرياضية التي يُنظر إليها على أنها أدوات للهيمنة الغربية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن في تشرين الأول/أكتوبر الماضي "نحن نمنع، بوسائل غير رياضية جدا، رياضيينا من تحقيق النجاح الذي يستحقونه"، مضيفا "أنتم تعرفون ما يقوله المدربون في هذه الحالات: عندما تلعب خارج القواعد، لا يجب أن تئن بل تضرب الرؤوس بقوة أكبر من الخصم".
قبل عشر سنوات، نبَّهت عداءة المسافات المتوسطة الروسية يوليا ستيبانوفا وزوجها فيتالي، المراقب السابق في وكالة روسادا، وادا إلى تعاطي المنشطات بشكل مؤسساتي في روسيا، وانتهى بهما الأمر بالكشف عن ذلك في حديث لقناة "أيه آر دي" الألمانية والتي كان قد بثت في كانون الأول/ديسمبر 2014 سلسلة من الأفلام الوثائقية المؤلمة.
تحولت الفضيحة إلى رواية تجسس عندما اعترف رودتشنكوف الذي أجبر على الاستقالة من مختبر موسكو ولجأ إلى الولايات المتحدة، في ربيع 2016 بالتدبير ولسنوات طويلة، التستر على تنشط الرياضيين الروس بالتنسيق مع وزارة الرياضة التي كان يقودها فيتالي موتكو المقرب من بوتين.
ولتضليل مراقبي وادا في أولمبياد 2014 في سوتشي، أوضح رودتشنكوف أن التلاعب كان يحصل ليلا داخل مبنى شغله خبراء مكافحة المنشطات من جميع أنحاء العالم. كانت العينات "أ" المقرر تحليلها فورا، تمرر من ثقب بين غرفة وأخرى حيث يتواجد رودتشنكوف صاحب اليد الخفيفة. أما العينات "ب" المقرر حفظها أو فتحها في حال وجود أي نتائج مشبوهة للعينة "أ"، فكانت تستبدل من قبل عملاء جهاز الأمن الفدرالي ببول "نظيف" مخزن مسبقا بحسب شهادته التي وثقت في تقرير ماكلارين ثم تقرير شميدت الذي طلبته اللجنة الاولمبية الدولية.