مونديال الرغبي 2015: نجاح جماهيري وأرباح قياسية
سجّل مونديال الرغبي "إنكلترا 2015" الذي اقترب من محطته الختامية أرباحاً قياسية.
حطّمت كأس العالم للرغبي في نسختها الثامنة المقامة في إنكلترا وويلز حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أرقاما قياسية بالجملة من ناحية الأرباح والعائدات الاقتصادية على تنوّعها، ما جعل اختصاصيين في مجال التسويق الرياضي والترويج لأحداثه الكبرى يتوقّفون عند هذه الظاهرة.
ذلك لأن اللعبة التي أطلقها الطالب الثانوي وليام ويب ايليس ابن مدينة رغبي (70 ألف نسمة حالياً) في منطقة وورويكشير، لاعب الكريكيت أصلاً، الذي لم يستسغ أن تُمرّر الكرة بالقدم فقط، فحملها وجرى بها وأودعها المرمى خلال مباراة عام 1823، لم تدخل عالم الاحتراف الحقيقي إلا قبل 20 عاماً، وبالتالي تعدّ حديثة العهد في هذا المجال اذا ما قارناها بكرة القدم، وفق رئيس الاتحاد الدولي الفرنسي برنار لاباسيه الذي أبدى ارتياحه الكبير لما تحقّق، فـ"كأس العالم بمثابة "أسطوانة الأوكسجين" للاتحاد الدولي، فمن مداخيلها ننفق على المسابقات الرسمية الأخرى ومنها كأس العالم للسيدات وكأس العالم للشباب (دون الـ 20 سنة) وبطولات الرغبي بسبعة لاعبين التي دخلت البرنامج الأولمبي، وهي خطوة تعزّز انتشار اللعبة.
من الرغبي وإرثها استوحى بيار دي كوبرتان بعض المُثل والأفكار، لا سيما التعاون والمشاركة، لإحيائه الألعاب الأولمبية فقد تأثّر البارون الفرنسي، المعجب أساساً بالأسلوب التربوي الإنكليزي الذي يُعطي الرياضة دوراً مهماً في التعليم وبناء الشخصية، بما ورد في كتاب توماس هاكز "يوميات توم براون المدرسية".
واستوحى من مضمونه مبادئ تربوية للحركة الأولمبية. لذا، كانت لشعلة دورة لندن الأولمبية عام 2012 محطّة في مدرسة مدينة رغبي، كلفتة تقدير لمدرستها وبعض مرافقها التي أولت الرياضة اهتماماً خاصاً، ما ساهم في بلورة حركتها العصرية تدريجياً.
يفتخر لاباسيه بأن الرغبي "طريقة حياة" وهي ميزة خاصّة تجعلها جذّابة ومثيرة لكثيرين. وبواقعية وصراحة يؤكد أنها لن تنال يوماً من شعبية كرة القدم، وسيبقى الاهتمام بها وتمويل نشاطاتها أدنى مما ينفق على الألعاب الأولمبية وكأس العالم وبطولة أوروبا لكرة القدم، لكن طريقة تفاعل اللاعبين مع الجمهور "نقطة مشعّة" في الجانب الترويجي، وهم يتجاوزون في مشاركتهم في مناسبات كثيرة المنصوص عنه في العقود والاتفاقات، علما أن "فلسفة الرعاية" تجمع بين "روح الجماعة والصورة الجذابة والمردود التجاري".
تحظى كأس العالم للرغبي بـ 19 علامة تجارية لرعاة ومورّدين، وتخطّت مداخيلها السياحية الـ 1.2 مليار يورو، وأوجدت 41 ألف فرصة عمل، منها 16 ألف فرصة مرتبطة مباشرة بشؤون المنافسات. وزادت مبيعات عروض "حزم الضيافة" التي تشمل تذاكر لكبار الضيوف 150 %، فقد بيعت 185 ألف تذكرة منها 33 ألفاً للمباراة النهائية، على رغم أسعارها المرتفعة التي تصل إلى 5236 يورو.
وإيراد هذه الأرقام ينسحب أيضاً على الأرباح المتوقّعة والمقدّرة بـ 193.1 مليون يورو (بلغت أرباح النسخة الأولى عام 1987 في نيوزيلندا 1.4 مليون يورو)، وارتفاع المتابعة التلفزيونية إلى 4.5 مليار نسمة في 207 بلدان (800 مليون منزل ومكتب)، ويشمل النقل المباشر والبرامج أكثر من 20 ألف ساعة، بزيادة 37 في المئة عن النسخة السابقة في نيوزيلندا عام 2011.
كما بيعت 2.5 مليون تذكرة للمباريات الـ 48 الموزّعة على 13 ملعباً.
عموماً، تجاوزت أرقام حجم أعمال البطولة للمرّة الأولى المليار دولار، ما يمثّل ضعف ما كان عليه قبل أربعة أعوام، علماً أنها تبقى متدنية جداً قياساً بكرة القدم. غير أن السوق الإنكليزية شكّلت رافعة مُثلى لهذا الحدث وضمانة أكيدة لتحقيق الأرباح، ما جعل النسخة الثامنة تجسّد نجاحاً تجارياً بارزاً يُبنى عليه، لا سيما أن مردوده ينعكس على أركان اللعبة واتحاداتها.
وقد أكد لاباسيه أن توظيف المال سيكون على غرار روح الرغبي المتمثّلة بقيم "التآخي والتضامن والتواضع"، عكس الصورة القاسية للأداء التي كوّنها بعضهم استناداً إلى الوقائع الميدانية، وهي نافرة أحياناً، لكنها محفّزة وحماسية في نظر عشّاق هذه الرياضة.
ويُفاخر لاباسيه بأن مجمل البطولة وفّر 330 مليون يورو عائدات تجارية، منها حقوق البث التلفزيوني (178 مليوناً) والرعاية (65 مليوناً) وبرامج الضيافة وبيع التذكارات وغيرها، إلى 275 مليون يورو من بيع تذاكر المباريات واستثمارات في جوار الملاعب. وسيستفيد المنظّمون بـ 110 ملايين يورو من هذه العائدات.