المرشد... بطل يتوّج مرتين
مرشدٌ يدلُّ متسابقه إلى منصات المجد والذهب، متسلح بالوعي والبصيرة والحب الكبير.
هُمام كدر
تحوي بطولات ذوي القدرات الخاصة، على الكثير من الصور المُلهمة، فعدا عن التحديات الجمة التي يُبديها المقعدون على كراسٍ أو مبتورو الأعضاء، فإن مشهد مرشدي ضِعاف البصر والمكفوفين يركضون مع أبطالهم، يضجُ بالكثير من المعاني الإنسانية.
لكن من هو هذا الرجل الذي يركض إلى جانب المتسابق؟ وما هي وظائفه؟ وكيف يتم الانسجام بينهما؟
المرشد ووظائفه
لا يحق للمتسابقين من فئة (المصابين بأقل مستوى للإبصارT11) الجري بدون مرشد، بينما يكون الأمر اختيارياً في فئة (المستوى الأفضل من الإبصار T12).
يمكن تلخيص وظائف المرشد أثناء السباق، بابقاء المتسابق ضمن حارته وإعطاء التعليمات الفنية والتشجيع.
لكن تلك المهام تبدو معقدة جداً، إذا ما نظرنا للشق العملي من الموضوع، فالمرشد مُطالب بضبط سرعته حد التطابق الكامل مع لاعبه، حتى لا يتم ارتكاب أي خطأ تقني أو فني، هذا ما يتطلب جهداً كبيراً في التدريب والتحضير، للحصول على أفضل درجات الانسجام.
أكثر من مرشد
في سباقات الـ800 متر يمكن للمتسابقين استخدام مُرشدَيَن، وفي سباقات الماراثون يزداد العدد ليصل إلى 4 مرشدين، وفي السابقات الطويلة يدل المرشد العداء على استراحات المياه كما يُعلمه متى يجب عليه الانعطاف يميناً أو يساراً، كما يصف له في بعض الأحيان المناظر الجميلة مثل الزهور والأشجار الشامخة وذلك لوضعه في جو السباق.
ويرتبط المرشد بالمتسابق بحبل قصير باليد، لا يتعدّى طوله الـ30 سنتم على أن لا يكون من النوعية التي تتمدد للحفاظ على المسار.
وفي بعض الرياضات كالتزلج على الجليد للمكفوفين لا يُسمح للمرشد أن يلتصق بالمتسابق بل فقط يسمح له بالتوجيه اللفظي من بعيد.
ثنائيات ناجحة في الدوحة
ولعل بطولة العالم في ألعاب القوى لذوي الإعاقة المُقامة حالياً في العاصمة القطرية الدوحة، واحدة من أكثر البطولات إفرازاً للثنائيات الناجحة التي خطفت الأنظار في مضمار ملعب سحيم بن حمد في نادي قطر.
ففي الدوحة تعرّف الكثيرون -من غير المُلمين برياضات ذوي الإرادة الفولاذية-، على ديفيد براون ومرشده جيروم أفيري الأميركيان اللذان نالا الحصة الأوفر من الإعجاب في سباق الـ100.
( المرشد أفيري مع مواطنه براون)
يعمل أفيري كدليل منذ دورة الألعاب الأولمبية البارالمبية 2004 في أثينا، وهو من مواليد 1978 (أكبر من براون بـ14 عاماً). يقول أفيري عن تدريباته مع زميله "إننا لا نرتبط معاً فقط بالخيط بل بالثقة، براون اعتاد دائماً كتابة التاريخ واعتدت أن أكون معه في كل مكان".
أفيري وبراون كانا مثالاً للثنائي الناجح، فالبطل الأميركي الأسمر، بعد أن حمل علم بلاده في الافتتاح بالدوحة، حاز مع مرشده على الميدالية الذهبية في سباق الـ100 متر أحد أكثر السباقات متابعة في ألعاب القوى بزمن وقدره 11.03 ثانية.
الثنائي الكوبي الممتاز
وفي العاصمة القطرية أيضاً تابع المتفرجون عن قرب؛ كيف دلَّ يونول كينديلان مرشد البطلة الكوبية أومارا دوراند إلى منصات المجد ضارباً مثالاً آخر بالتفاني لأجل متسابقه، في مشهد قلَّ نظيره خارج مضامير الرياضة.
وحاز الثنائي الكوبي في بطولة العالم الحالية بالدوحة، على ثلاث ميداليات ذهبية في الـ100 والـ200 والـ400 متر ليكونا الثنائي الأكثر نجاعةً في البطولة.
تقول أومارا عن مرشدها "العمل معه يؤدي إلى نتائج ممتازة، أشعر أني أكثر استعداداً للأولمبياد".
أما مرشدها كينديلان فقال: "أومارا قوية جداً، إنها تستجيب جيداً للإشارات أثناء السباق، لديها إيقاع تحسد عليه، إنه لفخر لي المشاركة معها في الدوحة".
مرشدا براون ودوراند ليسا الوحيدين اللذان رُفعت لهم القبعات احتراماً لإخلاصهما بل الكثيرون من المرشدين غير المتوجين رسموا من خلال جريهم مع رياضييهم صورة أكّدوا فيها أن في الرياضة أوجه أخرى غير تلك التي نتنافس دائماً لأجلها.
الحب والتضحية
بحسب أغلب مواقع التطوع للبحث عن مرشدين في ألعاب القوى، فإن أي رياضي مُلم ومتمرس بالجري، يمكنه أن يصبح مرشداً فالأمر لا يحتاج إلى الكثير من شهادات الخبرة، ربما يحتاج للحب والاستعداد للتضحية أكثر...