إيهاب عبد الرحمن .. من صقيع فنلندا إلى مجد بكين
إنجاز تاريخي للبطل المصري والقادم يبدو أفضل.
دخل المصري إيهاب عبد الرحمن تاريخ ألعاب القوى في مصر من أوسع أبوابه عندما نال شرف أن يدون اسمه كأول رياضي يمنح بلاده ميدالية من أي معدن في بطولة العالم بانتزاعه الميدالية الفضية في مسابقة رمي الرمح أمس الأربعاء بتسجيله 88.99 م.
ولم تكن مصر قد حققت أي ميدالية في رياضة أم الألعاب في بطولة العالم أو في الألعاب الأولمبية من قبل، لكن عبد الرحمن نجح في تغيير هذه المعادلة بشكل رائع بعد أن تفوق على أبطال كبار في هذا الاختصاص.
ويقيناً لو أن الفائز بالذهبية الكيني يوليوس ييغو لم يسجل محاولة خارقة هي الأفضل منذ 14 عاماً عندما رمى الرمح على مسافة 92.72 م، لكان الفرعون المصري يحتفل بالفوز بالذهب.
ونجح عبد الرحمن في خطف الميدالية الفضية من محاولته الثانية علماً بانه فشل بعدها في محاولاته الأربع الاخيرة بعد أن شعر ببعض الألم في ظهره.
وقال عبد الرحمن في تصريح لوكالة فرانس برس بعد نهاية السباق "أنا سعيد جداً وفخور بهذه النتيجة التي أهديها إلى كافة الشعب المصري".
وأضاف "المنافسة كانت قوية جداً وخضت المنافسات وتفكيري مشتت بسبب مشاكل صحية لوالدتي كما أعاني من إصابة طفيفة في ظهري اثرت بعض الشيء على أدائي خلال المسابقة".
وكشف "لدى قيامي بمحاولتي الثالثة شعرت بألم مفاجئ في ظهري".
وختم "على العموم أنا راض عن النتيجة خصوصاً في ظل المنافسة القوية بين أفضل رماة العالم اليوم، لكني واثق من قدرتي على تحسين مستواي من الآن وحتى دورة الألعاب الأولمبية العام المقبل في ريو دي جانيرو".
وكشف عن الصعوبات التي واجهها خلال استعداد لبطولة العالم "إصابة والدتي في ظهرها جعلتني أقوم بزيارتها يومياً في القاهرة في رحلة تستمر 3 ساعات، لقد كانت عاجزة عن المشي وقد ألمني هذا الأمر كثيراً. أمل أن تكون ميداليتي حافزاً لها لتخطي المشاكل التي تواجهها".
وتابع "كما أعاني حالياً من آلام طفيفة في أسفل الظهر، وقد عاودتني لدى قيامي بالمحاولة الثالثة".
بدا القلق واضحاً على وجه إيهاب خصوصاً قبل نهاية المنافسات بجولتين لأنه لم يكن يريد أن تفلت الفضية منه، فراح يزرع الملعب ذهاباً وإيابا وهو يترقب محاولات منافسيه قبل أن يتنفس الصعداء ويقفز في الهواء عندما أدرك ضمان احراز باكورة الميداليات لبلاده.
الطريق نحو القمة
وكان المدرب الفنلندي الشهير بيتيري بييرونن أول من وثق بقدرات عبد الرحمن عندما حصل الأخير على منحة من الاتحاد الدولي لألعاب القوى للذهاب إلى مدينة كوتران الفنلندية لمدة 4 أشهر والتي تعتبر البيت الروحي لرمي الرمح.
وقال بييرونن "يستطيع عبد الرحمن أن يتخطى حاجز الـ 90 متراً إذا خضع لتدريب أفضل. إن الذراع التي يستعملها للقيام بالرمي هي من أفضل ما شاهدت. إنه طويل القامة وقوي من الناحية البدنية ولديه موهبة طبيعية للرمي. يستطيع أن يركض بسرعة أكبر، أن يصبح أقوى وفي حالة بدنية أفضل ما يؤهله لأن يكون من الأفضل في اختصاصه".
لم تطل تجربته الأولى في كوتران طويلاً، فعدم إجادته للغة الانكليزية وعدم تأقلمه مع الاجواء الصقيعية بالإضافة إلى إصابة في ظهره جعلته يعود إلى مصر بعد أسبوعين فقط.
ويعترف السيد بقوله "لم أكن افهم ما كانوا يقوله الناس هناك. بقيت في غرفتي لوقت طويل وكنت أشعر بالبرد. كان الثلج يغطي الطرقات طوال فترة مكوثي هناك وقلت في قرارة نفسي ماذا أفعل هنا. كما إنني في تلك الفترة اصبت بتمزق في ظهري".
لكنه ذهل بعد أن أجرى التمارين هناك برفقة بطل العالم عام 2007 الفنلندي تيرو بيتكاماكي ونجح في التعلم الكثير من المدرب الفنلندي بيتيري بييرونن (مدربه حالياً)، كما أنه بدأ بتعلم اللغة الانكليزية بعد عودته إلى الديار. ثم عاد إلى كوتران ووطد علاقته مع بييرونن فواصل عملية تطوير مستواه بإشرافه.
مسيرة مظفرة
في عام 2010 توج بطلاً لأفريقيا للمرة الأولى كما تخطى حاجز ال80 متراً للمرة الأولى في مسيرته. لكن خلافاً مادياً مع الاتحاد المصري للعبة منعه من العودة إلى فنلندا للتدريب، فشعر السيد بالخيبة وتخلى عن التمارين لمدة 5 أشهر.
ولكن الأمور تحسنت بعد ذلك، وأشاد عبد الرحمن بالتسهيلات التي يقدمها اتحاد اللعبة في بلاده حالياً. وعاد إلى المنافسات في بطولة العالم في دايغو الكورية عام 2011، لكنه سجل رقماً ضعيفاً (71.99 م) ليحتل المركز الخامس والثلاثين قبل الأخير.
وعلى الرغم من معاناته من آلام في الكتف في أولمبياد لندن، حقق عبد الرحمن رقماً جيداً مقداره 73.35 م. لكن نقطة التحول كانت عام 2013 عندما سجل رقماً شخصياً قياسياً مقداره 83.62 م ليحتل المركز الثاني في التصفيات المؤهلة إلى بطولة العالم في روسيا. ويعترف السيد بقوله "كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي. لم أكن أتوقع أن أرمي لمسافة 83 متراً. شعرت بانني أعيش الحلم".
وتأهل السيد إلى نهائي الاختصاص في بطولة العالم في روسيا لكنه حل سابعاً، وقال حينها "كان هدفي بلوغ الدور النهائي وقد تحقق هذا الأمر وأنا سعيد للغاية".
وعاد عبد الرحمن إلى فنلندا أواخر 2013 حيث خضع خلال 3 أشهر ونصف لتدريبات شاقة بإشراف بييرونن وتنقل بين كوتران وجنوب أفريقيا.
وفي عام 2014، تألق الرياضي المصري بشكل لافت في مسابقات الدوري الماسي وواصل تحسين رقمه الشخصي حتى بلغ 89.21 م في لقاء شنغهاي، وهذا الرقم وضعه في المركز الثالث عشر في أفضل المحاولات في تاريخ هذا الاختصاص، وكان الأفضل العام الماضي.
ومنذ لقاء شنغهاي أصبح عبد الرحمن بطلاً يحسب له ألف حساب وهو يأمل بأن يحافظ على استقرار في المستوى، علماً بأن مدربه يعتقد بقدرته على الذهاب أبعد، ويقول النجم المصري "أريد أن أرمي لمسافة 87 و88 في كل مسابقة وحتى اتخطى حاجز ال90 متراً".
وختم "يقول مدربي بأنني لا زلت أرمي بنسبة 70 في المئة معتمداً على ذراعي و30 في المئة معتمداً على ساقي، وإذا نجحت في الاعتماد على 70 في المئة على ساقي و30 في المئة على ذراعي فاستطيع أن أرمي لمسافة 100 م، بالطبع لا أصدقه لكني سأحاول".