منتخب سوريا...جدلية الأداء تحسمها النتائج
إذا رأيت منتخباً حقق العلامة الكاملة بـ15 نقطة من 15 ممكنة، مثل منتخب سوريا في التصفيات الآسيوية المزدوجة، فإنك من الصعب أن تقتنع بأداء متفاوت أو صورة مشوّشة لا يزال كثيرون من عشاق النسور يشيرون إليها
هُمام كدر
بفوزه الخامس توالياً أمس 1-0 على الفلبين، حقق منتخب سوريا أفضل سلسلة انتصارات في التصفيات الآسيوية التي بدأها طامحاً للتأهل إلى كأس آسيا "تايلاند 1972".
علماً أن مشاركة النسور في تصفيات كأس آسيا "قطر 2011"، كانت مميزة للغاية إذ أنهوا مشاركتهم متصدرين المجموعة على الصين وفيتنام ولبنان وحققوا 14 نقطة من 18 ممكنة دون أي خسارة.
وكذلك الأمر كان في التصفيات المزدوجة الماضية، حين حقق المنتخب السوري المركز الثاني خلف اليابان بـ18 نقطة من أصل 24 ممكنة، بعد تلقي خسارتين من اليابان ذهاباً وإياباً.
ولعل المفارقة الكبرى أن النتائج المذكورة تحققت جميعها على يد فجر إبراهيم فهو الذي قاد سوريا تصفيات آسيا 2011 و2019. ولم يقدها في النهائيات الآسيوية قط. ففي كل مرة كان الاتحاد السوري للعبة يطيح به لمصلحة مدرب أجنبي أو محلي.
(مع الملاحظة أن الوطني أيمن الحكيم تسلم قيادة النسور في الدور الأخير من تصفيات كأس العالم ثم جاء بعده شتانغه في كأس آسيا)
ولم يغب الضغط الجماهيري والإعلامي يوماً عن فجر إبراهيم في أي مهمة تدريبية مع منتخب سوريا، ولعل أكبرها في الفترة الحالية، وهي الولاية الرابعة له مع منتخب البلاد.
ويمكن تعليل حجم الانتقاد الذي توسع في الآونة الأخيرة، مقارنةً بفترات سابقة، بانتشار وسائل الإعلام الحديث وإمكانية التعبير عن الرأي بشكل واسع بين شرائح الجماهير الكروية.
ولكن حدة الانتقادات كانت عالية جداً قبل بدء التصفيات، بسبب أداء المنتخب المتراجع سواء في الوديات أو في بطولة غرب آسيا التي جرت الصيف الماضي.
فجر إبراهيم تسلّم قيادة المنتخب عوضاً عن الألماني بيرند شتانغه في مباراة أستراليا الأخيرة ضمن كأس آسيا 2019 بعد تعادل أمام فلسطين وخسارة من الأردن.
وصحيح أن المنتخب السوري خسر أمام أستراليا 3-2، لكنه كان شجاعاً وكسب احترام جماهيره، أما بعد تلك المباراة فقد بدأ الاحترام يتحول لسهام انتقاد، تكثر عدداً وتزداد حدة.
وكان عدد من المتربصين بالمدرب إبراهيم ينتظرون نتيجة سلبية للمنتخب أمام الفلبين في المباراة الأولى للتصفيات المزدوجة، لكن نسور قاسيون فازوا واجتازوا العقبة الأولى نفسياً، ثم بدأت الانتصارات تتالى، فغلبوا المالديف وغوام ووصلوا إلى لقاء الصين الذي كان معتركاً جدياً فتخطوه نتيجةً وإلى حد كبير أداءً.
وليلة أمس في دبي، الأرض البديلة لمنتخب سوريا، ضمن رفاق السومة بنسبة كبيرة الوصول إلى كأس آسيا 2023 والدور النهائي من تصفيات كأس العالم 2022 في قطر، بفوزهم على الفلبين 1-0.
إنتقادات وإيجابيات
السؤال هنا؛ لماذا لم تتوقف الانتقادات لفجر إبراهيم ؟؟ يمكننا اختصار الأسباب بثلاثة هي التالية:
1- الأداء المتذبذب في جميع المباريات، ما عدا مباراة الصين، وشوط المباراة الأولى ضد الفلبين أمس.
2- دفاع لا يبدو أنه مطمئن، فقد اختُرق مرات عدة حتى في المباريات التي انتهت بشباك سوريا نظيفة.
3- عدم وجود هوية لعب واضحة للمنتخب سواء في الحالة الدفاعية أو الهجومية.
مهنياً لا يمكننا إغفال الإيجابيات الواضحة في الأشهر الأخيرة، وهنا ثلاث نقاط تبدو ومن وجهة نظرنا قد تطورت في منتخب سوريا بقيادة الإبراهيم عدا الصدارة بالعلامة الكاملة:
1- إفساح المجال للأجيال الشابة وتطعيمها في المنتخب الأول أمثال كامل حميشة، ورد السلامة، مازن العيس...
2- إنهاء حالة الخلاف بين اللاعبين الكبار التي تجذرت بشكل واضح في كأس آسيا 2019.
3- إعادة اللحمة بشكل كبير بين اللاعبين، في مشهد يقارب بنسبة عالية ما كانت عليه الصورة في تصفيات كأس العالم 2018.
من الواضح أن هناك دعم كبير من أغلب لاعبي المنتخب للمدرب فجر إبراهيم، ولربما عدم التجديد له بعد نهاية عقده مطلع العام المقبل ليس بالأمر الجيّد لمنتخب يسير بخطى ثابتة، فالقاعدة تقول "حافظ على المدرب الفائز"، ولا نعتقد أن اتحاد كرة القدم القادم في سوريا، يريد أن يقع بنفس خطأ سلفه الذي تخلى عن أيمن الحكيم بعدما كان هذا الأخير على بعد هدف واحد من بلوغ مونديال روسيا 2018.
ولكن من ناحية أخرى؛ وجود مشجعين متطلبين بإمكانهم التمييز بين الأداء الجيد والنتيجة الجيدة، ينتقدون حين يرون الخلل ويشكرون حين تبدو الصورة غير ذلك، هو أمر صحي لأي منتخب لو فكرنا به عميقاً.