حالة فرح "هيستيرية" في باريس بعد الفوز الدراماتيكي لفرنسا
الفوز الدراماتيكي الذي حققه المنتخب الفرنسي على نظيره الألباني أحدث حالة هيستيرية عند المشجعين في الـ"فان زون" وسط باريس.
باريس – إيلي المندلق
تصوير سامر الرجال
لم تكن أمسية الأربعاء عاديةً على الإطلاق في منطقة المشجعين (فان زون برج إيفيل) في شان دو مارس بمحاذاة برجل إيفيل..فالمباراة التي جمعت بين المنتخب الفرنسي ونظيره الألباني ضمن منافسات المجموعة الأولى في يورو 2016 كانت أشبه بفيلم سينمائي مشوّق اختلجت فيه مشاعر الفرنسيين الذين حبسوا أنفاسهم حتى الرمق الأخير قبل أن تشتعل الـ"فان زون" بهدفين "دراماتيكيين" لأنطوان غريزمان وديميتري باييت اللذين انتزعا أولى تذاكر الدور الثاني من البطولة.
ولم يختلف الأمر بين المكان الحقيقي الذي تجري فيه المباراة في مرسيليا جنوب فرنسا حيث حضر حوالي 64 ألف شخص وفي منطقة المشجعين بباريس حيث زاد عدد المشجعين عن 85 ألف!
فالأجواء كانت صاخبة جداً في قلب العاصمة الفرنسية حيث ارتدى معظم مناصري الديوك قمصان المنتخب وتوشحت الوجوه بألوان العلم الفرنسي، أما تفاعل المتفرجين مع أحداث المباراة والتشجيعات المستمرة، فحولت الشاشة العملاقة (420 متر مربع) الموضوعة في أسفل برج إيفيل، ملعباً حقيقياً.
الامتعاض كان واضحاً جداً على وجوه الفرنسيين في الشوط الأول بفعل الأداء غير المقنع لمنتخبهم ورعونة اللاعبين أمام المرمى، إذ أثار المهاجم أنطوني مارسيال غضب كثيرين بسبب أدائه السيء وبدأ البعض يهتفون اسم كريم بنزيمة في إشارة منهم إلى الظلم الذي تعرض له اللاعب بعد استبعاده من المدرب ديدييه ديشان، وانتهى الشوط الأول من دون تسجيل أي فرصة لفرنسا على مرمى ألبانيا.
في الشوط الثاني حيّا المشجعون دخول بول بوغبا مكان مرسيال، إلا أن الديوك واصلوا العزف على وتر الخيبة، ومع تقدم الوقت ارتقى أداء المنتخب الفرنسي خصوصاً بعد أن استبدل المدرب ديشان، كينغسلي كومان بغريزمان الذي أثار دخوله موجة من الارتياح وردد عشرات الآلاف اسمه إلى جانب طفلهم المدلل باييت صانع الفوز على رومانيا في الافتتاح.
تحسن أداء الديوك بشكل ملحوظ في منتصف الشوط الثاني، إذ حاصر الفرنسيون الألبانيين في منطقتهم وتوالت الفرص الضائعة واحدة تلو الأخرى، وقفز المشجعون مرارهم ظناً منهم أن الشباك اهتزت، وعاندت المستديرة أصحاب الدار مراراً وتكرارً قبل أن يثلج محبوب الجماهير غريزمان صدور مواطنيه بهدف التقدم لفرنسا في الدقيقة الأخيرة من عمر اللقاء، لتهتز الأرض تحت أقدام المشجعين الذين أطلقوا العنان لحناجرهم هاتفين بحالة جنونية " Allez les bleus.. Allez les bleus".
ووسط الاحتفال، نجح باييت في إحراز الهدف الثاني في الوقت المحتسب بدلاً عن ضائع محدثاً حالة هستيرية ليغادر الفرنسيون بعدها الـ"فان زون" بنشوة الفوز!
واحتفاء بالفوز الغالي والتأهل إلى الدور الثاني أضيء برج إيفيل بالكامل وتلوّن بالعلم الفرنسي ومن ثم بألوان المنتخبات المشاركة الأخرى ورقص المشجعون في المكان وغنوا النشيد الوطني الفرنسي قبل أن يطلب رجال الأمن من الجميع المغادرة حفاظاً على سلامتهم.
وعقب خروج المشجعين استوقفنا البعض منهم على مداخل الـ"فان زون" وحتى في مقصورة الميترو لإطلاعنا على الأمسية الصاخبة التي أمضوها وعن رأيهم بأداء المنتخب الفرنسي، فقالت إحدى المشجعات البالغة 23 عاماً وتدعى ليا بيانكورين: "المباراة كانت مثيرة جداً، طننا أننا سنخسر أو نتعادل بسبب الأداء المتواضع في الشوط الأول. كنا ننتظر الهدف وأحرزنا اثنين. أنا سعيدة جداً ومتفائلة بتحقيق نتائج مماثلة في المباريات المقبلة".
من جهته قال أوليفييه توما وهو رجل في العقد الخامس من عمره: "المباراة كانت رائعة وساخنة..انتظرنا طويلاً جداً حتى جاء هدف الفوز.
ورأى توما أن الخطة التي بدأ بها ديشان المباراة لم تؤتي ثمارها ومن الأفضل اللعب كما فعل في الشوط الثاني مضيفاً: " يجب الدفع باللاعبين الشبان مثل غريزمان وكومان ولوكا دينيي".
ومن داخل الميترو، قالت أنورين أوديني: اعتقدنا أننا لن نفوز أبداً لكننا نجحنا في النهاية بإحراز هدفين وأنا سعيدة جداً بهذه النتيجة.
ولدى سؤالها عن ثقتها بقدرة المنتخب الفرنسي على التأهل إلى النهائي أكدّت أن منتخب بلادها يملك جميع الإمكانيات للفوز بلقب البطولة".
أما زميلها لوران لوشيرن وهو طالب في كلية الطب فاعتبر أن التغييرات التي أجراها المدرب ديشان ساهمت بتحقيق الفوز. وعن أفضل لاعب في المباراة قال: "دون شك ديميتري باييت! وأحب غريزمان كثيراً فهو كان المنقذ وأعوّل على هاذين اللاعبين بالإضافة إلى كومان للذهاب بعيداً في اليورو".
ولا شك في أن القوات الأمنية الفرنسية نجحت مجدداً في مهامها بالحفاظ على الأمن ومنع حدوث أي أعمال شغب رغم الجماهير الغفيرة، إذ شهدت منطقة المشجعين منذ الصباح تشديداً أمنياً حيث انتشرت القوى الأمنية حول المساحة المخصصة للـ"فان زون" والتي تبلغ 130 ألف متر مربع وكان لا بد لجميع الوافدين عبور ثلاث محطات للتفتيش وأحياناً أكثر، مع تفتيش دقيق جداً ومطول هذا بالإضافة لدوريات الشرطة المستمرة سواء بالسيارات العسكرية والأحصنة أو الوحدات الخاصة التي جابت الشوارع وشكلت جدراناً بشرية أمام البوابات المؤدية إلى داخل المنطقة.