همام كدر
إقالة أم استقالة؛ اختلفت التسميات والنتيجة واحدة، هي تنحي أيمن الحكيم مدرب منتخب سوريا الأول عن منصبه على خلفية تصريحات رئيس الاتحاد السوري للعبة صلاح رمضان حول رغبة الأخير بالتعاقد مع مدرب أجنبي.
تصريحات جاءت عقب واحدة من أسوأ المباريات لنسور قاسيون ربما منذ أكثر من عامين، حين خرجوا بتعادل مع منتخب العراق 1-1 في ودية أريدَ منها دعم العراق بتجاه رفع الحظر عن ملاعبه.
العراق يتعادل مع سوريا على ملعب كربلاء الدولي
الرجل الأشيب البالغ من العمر 57 عاماً الذي قاد سوريا إلى الملحق الآسيوي المؤهل إلى مونديال روسيا 2018، لم يتوانَ عن تقديم استقالته، رداً على هذا التصريح المتناقض مع كل كلمات المديح التي ما أنفك مسؤولو كرة القدم في البلاد عن وصف الحكيم بها طيلة المغامرة السورية في التصفيات.
فهل في تغيير الحكيم حكمة من المسؤوليين الكرويين، وإذا كان ذلك صحيحاً هل هذه هي الطريقة التي يقال بها شكراً لمدرب أوصل المنتخب إلى أعتاب المونديال؟ أم هي حكمة من المدرب نفسه، فلا يمكن لأحد أن يعمل مع من يقول له سنغيّرك.
مديح انتهى بغضب
تسلّم أيمن الحكيم مهمة تدريب المنتخب السوري خلفاً للمحلي أيضاً فجر إبراهيم في الشهر الخامس من عام 2016، في ذلك الوقت لم يكن يتحدث أحد عن تأهل النسور إلى المونديال لأول مرة في تاريخهم، بل حول أفضل أداء ممكن بين كبار القارة.
مع النتائج الجيدة، وتراجع مستويات المنافسين، كَبُرَ الحلم السوري، وبدأ المدرب يتحدث عن أمنيات ليست مستحيلة، مقابل ذلك؛ صحيح أن الشارع الكروي السوري -الذي زاد تأثيره في ظل الإعلام الحديث- كان ينتقد أداء المنتخب الدفاعي بشكل واضح، إلا أن التوافق على الحكيم كانت نسبته كبيرة بين المسؤولين والخبراء وحتى الجماهير.
مع عودة الخطيب والسومة، تطور أداء المنتخب السوري وكان على بعد خطوة واحدة فقط من بلوغ روسيا في مباراة إيران إياب الدور الثالث (2-2)،
تخيلوا معي لو فازت سوريا 3-2 في تلك المباراة مستفيدةً من تعادل أوزبكستان مع كوريا 0-0، بالتأكيد كان سيصبح الحكيم بطلاً قومياً.
مدرب سوريا كان يلعب ويتحدث بمنتهى الواقعية؛ فهو لا يَعِد ولا يتحدّى، لكنه بالتأكيد كان محل انتقاد واسع للغاية، بالأخص في اختياره للعناصر، وقد تجلّى ذلك بشكل كبير في مباراتي الملحق الآسيوي ضد أستراليا (1-1) ذهاباً و2-1 إياباً لأستراليا).
منتخب سوريا بدا أنه ليس أقل أبداً من أي كبير في قارته، وأنه بالفعل يحتاج لاستغلال مواهبه وقدراته الهجومية، لا أن يتقوقع في الخطوط الخلفية واللعب بـ3 لاعبين في خط الوسط الدفاعي أحياناً.
كل ذلك زاد من حدة الانتقادات حول المدرب، ولكنه بقي على مستوى الجماهير إلى أن انفجر كل شيء في مباراة العراق الودية، فالمطالبة بإبعاد الحكيم أصبحت علنية ثم جاءت تصريحات رئيس الاتحاد وكأنها تجاوباً لصوت الشارع وهذا نادراً ما يحدث في سوريا.
ماذا ينتظر المنتخب؟
التخبط هي الكلمة الأكثر استخداماً حالياً في الأوساط الرياضية السورية، فكيف لجماهير تعرف تماماً أن اتحاداتها الكروية المتعاقبة لم تبنِ على نجاحات سابقة ولم تستغل أي جيل على مستوى الرجال أو الشباب... لتُسخّر له كل الإمكانيات التدريبية والمادية.
الشارع الكروي السوري لم يُشفَ بعد من حكاية مخاطبة الاتحاد لجوزيه مورينيو قبل تعيين الحكيم، فكيف له أن يتطلع لرؤية مدرب كبير في دفة القيادة؟
اللاعبون بدورهم ومن شدة تأثرهم بالتفاف الشارع الرياضي حول إنجازهم، تمنّوا لو أنهم جلبوا كأس آسيا بعد نحو عام في الإمارات، وتورطوا بالوعد في ذلك لرد الدين لهؤلاء العشاق.
الحكيم يستقيل من تدريب سوريا والاتحاد يتريث
ولكن كم من المعسكرات والتحضيرات والتخطيط يجب أن يكون لتحقيق مثل هكذا طموح، لا يبدو مستحيلاً بالنظر إلى إمكانيات اللاعبين ولكنه يحتاج لكادر تدريبي على أعلى المستويات، كادرٌ لا يعتمد فقط على التوفيق وضعف المنافسين، ويقبل العمل في ظل الحرب السوريّة، وإمكانية عدم دفع مستحقاته كاملة وفي وقتها، بسبب تجميد أموال الاتحاد من قبل الفيفا.