هولندا أكبر المتضرّرين وزلاتان أبرز المهدّدين
نجوم "البرتقالي" يدفنون تاريخهم في تربة الإحباطات، وإيبراهيموفيتش ودجيكو يحاربان لتفادي ذلك.
باسم السالمي
انقضى الجزء الأكبر من مسلسل التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى يورو 2016 المقرّر إقامته على الأراضي الفرنسية، ولم يتبق سوى الإفصاح عن هوية المنتخبات الثمانية التي ستكمل عقد المتأهلين عبر جسر الملحق.
"مسلسل" التصفيات كانت حلقاته متقلّبة وأحداثه صادمة، وكان أبرز مشهد فيه "الخروج المهين" للعريقة هولندا بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها، عقب وجه شاحب لم تعرف فيه "الطواحين" نفسها.
خروج هولندا المرّ من سباق العبور إلى عرس اليورو، سيسحب معه عدداً من الأسماء اللامعة في سجلاّت الكرة هناك، والتي من الصعب أن تسجّل حضورها مجدّداً مع رفع قطار العمر لعلامة إجبارية بعنوان "قف".
هولندا وآخرون ودّعوا.. في حين أنّ ثلّة أخرى تنتظر غيثاً من الملحق قد يأتي وقد لا يأتي، ومن أبرز هؤلاء نجم بلاد السويد وهامتها الشامخة، زلاتان إيبراهيموفيتش، وأمل البوسنة إدين دجيكو.
"الطواحين" تتكبّد الصفعة الأكبر
بعد عزّها ومجدها، الذين بلغا الذروة في العام 2010 على أراضي جنوب أفريقيا، حين أثّثت نهائي المونديال بصحبة إسبانيا المتوّجة، ونسخة محترمة على أرض البرازيل في 2014 قادتها إلى المركز الثالث، سقطت هولندا العريقة من عليائها لتصل إلى أرذل مستوى لها منذ عقود، هذا إن لم يكن الأسوء على الإطلاق.
13 نقطة من جملة 30 ممكنة حصدها الهولنديون في مشوارهم التصفوي ضمن المجموعة الأولى، الذين احتلّوا فيها مركزاً رابعاً بعد 5 هزائم و4 انتصارات وتعادل وحيد.. حصيلة مخجلة تغني عن كل تعليق.
مالذي حصل للعريق الهولندي في عهد مدرّبه المميز داني بليند؟ هذا الأخير الذي عاصر بدوره أحد أبرز الفترات "البرتقالية" المشرقة، والتي قادت بلاد الأسطورة يوهان كرويف إلى وصافة العالم في ثلاث مناسبات (1974 و1978 و2010) والزعامة الأوروبية عام 1988 على أرض ألمانيا الغربية سابقاً، بالصاروخ الشهير للقيدوم ماركو فان باستن في مرمى العملاق السوفياتي رينات داساييف.
بيد أنّ ما يشغل جماهير الطواحين اليوم ليس الإجابة على سؤال ماذا حدث؟ فحسب، بل الأهم كيف السبيل إلى تعويض الراحلين عقب هذا الإخفاق المرير، والذين يمثّلون أصلاً هوية الحنكة في بيت المنتخب، وهم صانع ألعاب غلطة سراي التركي، ويسلي سنايدر (31 عاماً) وثنائي الهجوم روبين فان بيرسي (32 عاماً، فنربهتشه التركي) وكلاس يان هونتيلار (32 عاماً، شالكه الألماني)، إضافة إلى الحارس مارتين ستكلنبرغ (33 عاماً، ساوثامبتون الإنكليزي).
تركة ثقيلة لن تسجّل حضورها في قادم الاستحقاقات، وسيكون الحمل أثقل على الجيل الجديد بقيادة نجم مانشستر يونايتد الإنكليزي ممفيس ديباي (21 عاماً) وجيورجينيو فاينالدوم محترف نيوكاسل يونايتد (24 عاماً) وأنور الغازي أيقونة أياكس (20 عاماً).
أسماء تائهة في ظلمة منتخباتها
يوجد نجوم آخرون تبخّر لديهم حلم التواجد على سطح أقوى المنافسات القارية، ويمكن أن نسمّي هؤلاء بالأسماء العاجزة عن رفع رايتها، والسبب قيمة منتخبات بلدانها على المستويين القاري والدولي، ونذكر من هؤلاء مهاجم منتخب أرمينيا ومحترف بوروسيا دورتموند الألماني، هنريك مخيتاريان، الذي عجز عن انتشال منتخبه من قاع المجموعة التاسعة.
من جانبها مونتينغرو، وبرغم وجود نجم إنتر ميلان الإيطالي ستيفان يوفيتيتش والمدافع الصلب لأتليتكو مدريد، ستيفان سافيتش، وقنّاص روما ويوفنتوس الإيطاليين سابقاً والجزيرة الإماراتي حالياً، ميركو فوتشينيتش، فإنّ كلّ ذلك لم يشفع لهذا المنتخب كي يحقّق أكثر من المركز الرابع في المجموعة السابعة مع 11 نقطة.
اسكتلندا، لم تكن أفضل حظاً من أرمينيا ومونتينغرو، حيث آلت إلى مصير الخروج رغم أنّها كانت قريبة من بطاقة الملحق التي لم تفصلها عنها سوى 3 نقاط، قبل أن تستسلم لإرادة جمهورية أيرلندا، ليخسر جمهور الكرة الأوروبية بالتالي فرصة مشاهدة نجوم مميّزين على غرار دارين فليتشر (وست بروميتش الإنكليزي) وستيفن فليتشر (سندرلاند) وستيفن نايسميث (إيفرتون).
صربيا واليونان لا تستثمران النجوم!؟
هي نقطة استفهام كبرى.. تتعلّق بنجوم المنتخب الصربي التي طالما عجزت عن السطوع قبيل كل محفل أوروبي أو عالمي، فالأسماء رنّانة ولكنّ الحصيلة تعلن الخيبة في الختام.
برانيسلاف إيفانوفيتش ونيمانيا ماتيتش (تشيلسي) وألكسندر كولاروف (مانشستر سيتي) ودوسان تاديتش (ساوثامبتون) وآدم ليايتش (إنتر ميلان) وغيرهم من نجوم الصف الثاني.. كل هذه الذخيرة استخلص منها المدرب رادوفان كورشيتش 4 نقاط فقط في المجموعة التاسعة، واضعاً نفسه في المركز قبل الأخير، ومهدياً بطاقة الملحق للدنمارك وورقتي التأهل المباشر للبرتغال وألبانيا.
في اليونان.. وضع المنتخب ليس بعيداً عن وضع الدولة المدمّرة اقتصادياً، فأسماء رائعة أمثال كوستاس مانولاس وفاسيليس توروسيديس (روما الإيطالي) وسوكراتيس باباستاتوبولوس (بوروسيا دورتموند الألماني) وكونستانتينوس ميتروغلو (بنفيكا البرتغالي).. لم تسمح لأحفاد الفلاسفة بحجز مكان ضمن كبار أوروبا الـ24.
"إيبرا" لا يتصوّر اليورو من دونه
"لا أتصوّر يورو 2016 من دون حضوري".. بهذه الكلمات الواثقة والتي تتضمّن قدراً وافراً من الغرور والعنجهية، بدا نجم باريس سان جيرمان الفرنسي، زلاتان إيبراهيموفيتش، شديد الثقة في نفسه وزملائه بضمان بطاقة العبور، وإن كانت من بوابة الملحق.
زلاتان ساعد "الفايكينغ" بأهدافه الثمانية (ثالث أحسن هداف في التصفيات) في تحصيل المركز الثالث في المجموعة السابعة مع 18 نقطة خلف النمسا وروسيا، وممّا لا شكّ فيه أنّ يورو 2016 سيخسر نصيباً من ألقه إذا غاب "إيبرا"، الذي أكّد قائلاً "اليورو من دوني سيكون أضعف".
إيبراهيموفيتش سيسعى جاهداً لتفادي مصير كأس العالم 2014، حين حرم من التواجد المونديالي بعد إخفاقه في مباراتي الملحق أمام البرتغال بقيادة نجمها كريستيانو رونالدو، الذي لعب دور البطولة آنذاك بتوقيعه أربعة أهداف في مجموع المباراتين.
دجيكو يقود البوسنة لكتابة تاريخها
إدين دجيكو نجم روما الإيطالي والمنضمّ حديثاً إلى جانب مواطنه "المايسترو" ميراليم بيانيتش، سيسعى جاهداً إلى قيادة بلاده إلى دخول التاريخ الأوروبي من بابه الواسع بضمان التأهل لأول مرة في أرشيف الكرة البوسنية وتكرار سيناريو مونديال 2014 بالبرازيل.
دجيكو (7 أهداف في التصفيات) إضافة إلى فيداد إبيسيفيتش (هيرتا برلين الألماني) وأسمير بيغوفيتش (تشيلسي الإنكليزي)، الذين حلّوا ثالثاً في المجموعة الثانية مع 17 نقطة، سيحاولون فك عقدة الملحق لا سيما بغياب البرتغال التي أخرجتهم في مناسبتين (الملحق المؤهل لمونديال 2010، والملحق المؤهل ليورو 2012).
منطق الخبرة وصوت الطموح
في الملحق الأوروبي الذي ستسحب قرعته هذا الأحد، سيكون عشاق الكرة الأوربية مع عدد من المفارقات التاريخية التي قد تسجّل حضورها بقوّة، والتي قد ينتج عنها أيضاً فقدان عدد من النجوم الآخرين في يورو الصيف القادم.
يمكن أن نعرّج على باقي المنتخبات الست التي ضمنت تواجدها في مباريات الملحق من خلال بعض أبرز لاعبي منتخباتها، الذين قد يحرمون من الحضور في حال الإخفاق في مهة التأهل، وهم كالآتي:
أوكرانيا: أندري يارمولينكو (دينامو كييف الأكوراني) + ويفهين كونوبليانكا (إشبيلية الإسباني) + أندري تيموتشوك (كيرات ألماتي الكازخي).
جمهورية أيرلندا: روبي كين (لوس أنجلس غالاكسي الأميركي) + جون أوتشي (سندرلاند الإنكليزي) + سيمسو كوليمان (إيفرتون الإنكليزي).
سلوفينيا: سمير هاندانوفيتش (إنتر ميلان الإيطالي) + يان أوبلاك (أتليتكو مدريد الإسباني) + جوسيب إيليتشيتش (فيورنتينا الإيطالي) + فالتر بيرسا (كييفو الإيطالي).
النرويج: مارتين أوديغارد (ريال مدريد الإسباني – كاستيا) + ألكسندر بانور تيتاي (نوريتش سيتي الإنكليزي).
الدنمارك: كاسبر شمايكل (ليستر سيتي الإنكليزي) + نيكلاس بندتنر (فولفسبورغ الألماني) + كريستيان إريكسن (توتنهام الإنكليزي) + مايكل كرون ديلي (إشبيلية الإسباني) + دانيال آغر (بروندبي الدنماركي).
المجر: دانيال بودي (فرنشفاروس المجري).
هل يحدث؟
1- تأهل 4 منتخبات اسكندنافية لأول مرة في مسابقة للمنتخبات، قارية أو دولية، والحديث هنا عن أيسلندا المتأهلة سلفاً، والثلاثي الذي سيخوض الملحق السويد والدنمارك والنرويج.
2- أوكرانيا والسويد وجمهورية أيرلندا والدنمارك، هي 4 منتخبات سجّلت مشاركاتها في اليورو الماضي وغادرت جميعها من الدور الأول في النسخة التي استضافتها بولندا وأوكرانيا، فهل يتكرّر ذلك؟
3- عبرت المجر إلى محطة النهائيات الأوروبية لأول مرة منذ عام 1972، فكيف يكون ظهورها في نسخة فرنسا 2016؟
4- عودة سلوفينيا والنرويج إلى عرس اليورو بعد 16 عاماً من الاحتجاب.
جدير بالذكر، أنّ الاتحاد الأوروبي للعبة "يويفا"، كان قد صنّف منتخبات الملحق إلى مستويين حسب آخر تصنيف أوروبي لهم، حيث حلّ بالمستوى الأول منتخبات السويد والبوسنة وأوكرانيا والمجر، في حين جاء في المستوى الثاني، الدنمارك وجمهورية أيرلندا والنرويج وسلوفينيا.
مع العلم أنّ مباريات الذهاب ستقام بتاريخ 12 تشرين الثاني/نوفمبر على أن تقام مواجهات العودة في 17 منه.