ماليزيا الشغب الناشئ في آسيا
أعمال شغب، تلاعب في نتائج المباريات واذلال على أرض الملعب، لقد أصبحت كرة القدم الماليزية مشكلة ناشئة في قارة آسيا.
لقد تحولت اللعبة الأكثر شعبية في البلاد إلى مصدر احراج وطني.
كدس المشجعون المشاغبون عاراً اضافيا الثلاثاء الماضي، وأجبروا حكم مباراة بلادهم والمملكة العربية السعودية في التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة إلى كأس العالم 2018 وكأس آسيا 2019، على ايقافها قبل دقائق من انتهاء وقتها الاصلي بسبب قذف القنابل الدخانية داخل وحول المستطيل الأخضر.
اثارت الخسارة أمام الامارات 0-10 قبل أسبوع غضب الجماهير، فتبلورت الفوضى في لعبة سيطر عليها منذ فترة العنف والفساد والفوضى.
يقول خبراء كرة القدم الماليزية أن جوهر المشكلة يكمن في سوء ادارة اللعبة والفشل في تطوير المواهب الناشئة.
لكن الوضع لم يكن دائماً على هذا النحو.
ورث الاستعمار البريطاني شغف اللعبة لأبناء البلد، وكان نمور ماليزيا مصدر فخر واعتزاز في السابق.
حصل نجوم اللعبة في السبعينيات والثمانينيات على تكريم خلال الحقبة الذهبية عندما نافست ماليزيا العمالقة الحاليين على غرار اليابان، كوريا الجنوبية واستراليا، برغم انها لم تتأهل إلى كاس العالم أو تحرز كأس اسيا.
يقول بيتر فيلابان أمين عام الاتحاد الآسيوي بين 1978 و2007: "كنا في مقدمة الكرة الآسيوية انذاك، لكن اليوم أصبحنا أضحوكة المنطقة".
هبط المنتخب الماليزي إلى المركز 169 في التصنيف العالمي للاتحاد الدولي على بعد مركز واحد من أسوأ تصنيف له عام 2008، ووراء تيمور الشرقية (163) وبوتان (164) المتواضعتين.
يجني الاتحاد الماليزي لكرة القدم عقوداً من الفشل في بناء برامج تطويرية للشبان، وفقدان الملاعب أمام جرافات التنمية والاعمار بحسب مسؤولين سابقين ومدربين وكتاب رياضيين من الفئة الأولى.
يقول الصحافي المخضرم توني مراياداس: "كانت لدينا بطولات جيدة للولايات، حفزت الشبان على ممارسة اللعبة. لكن النقص في الملاعب أدى إلى معاناة البطولات المحلية من الموت البطيء".
عجلات السياسة والاقتصاد الماليزيين مدهونة بالعلاقات، المحسوبيات والمحاباة.
يقول فيلابان ان هذا الأمر اثر على كرة القدم، فطغت السياسة على الاحتراف واثرت على القرارات الادارية، القيادية وقرارات اللاعبين.
مع ذلك فان المحاسبة مسألة حساسة. يرأس الاتحاد الماليزي منذ 31 عاماً شخصيات من العائلة المالكة لولاية باهانغ، احدى تسع ولايات في البلاد.
تمنع القوانين الصارمة انتقاد العائلة المالكة، والتي يعتقد انها اسكتت مطالب اجراء اصلاحات جذرية.
لكن المشجعين يعبرون عن مشاعرهم بصراحة.
لافتة عملاقة رفعت الثلاثاء أشارت بمكر إلى قادة الاتحاد الماليزي: "الاتحاد الماليزي نائم منذ 31 سنة".
التعدد الثقافي في البلاد كان مصدر قوة سابقاً، فجاء النجوم المحليون من مجتمعات الملايو، الصينية والهندية. لكن السياسة الداخلية الطائفية نتج عنها تفضيل الملايو في المنتخبات الوطنية والأندية.
الخسارة الساحقة أمام الامارات صفر-10 جاءت بعد تعادل سابق على أرضها أمام تيمور الشرقية المغمورة 1-1 وسقوط كبير امام فلسطين 6-0.
احباط الجماهير يزداد في بلاد تعتبر فيها كرة القدم اللعبة الأولى والاتهامات تتركز على اتحاد اللعبة المحلي.
اضطر وزير الرياضة خيري جمال الدين الى الاعتذار من فيتنام في كانون الأول/ديسمبر الماضي بعد مهاجمة الجمهور الماليزي مشجعين فيتناميين خلال نصف نهائي بطولة جنوب شرق آسيا.
غرم الاتحاد الماليزي أيضا لسلوك جماهيره الجامح خلال مباراة ودية ضد الفيليبين في أذار/مارس الماضي، وشهدت مباريات الدوري المحلي اشتباكات المشجعين والشرطة.
أما التلاعب بنتائج المباريات، فكان سمة البطولات المحلية.
عام 1994، أقيل 21 لاعباً ومدرباً وأوقف 58 لاعباً، لكن حالات جديدة تطفو باستمرار.
عام 2012، أوقف الاتحاد المحلي 18 لاعباً شاباً وحرم مدرباً مدى الحياة بسبب تلاعب نتائج المباريات. في العالم التالي، أوقف ناد ماليزي كل مدربيه ومسؤوليه بعد سلسلة من الهزائم الثقيلة والمثيرة للريبة.
بدأ الاتحاد الدولي تحقيقاً حول فوضى الأسبوع الحالي، بعدما ألقي اللوم على مجموعة مشجعين تدعى "أولتراس مالايا"، وقد ينتج عنه اجراءات تأديبية.
هدّد خيري سابقاً باتخاذ اجراءات صارمة بحق الاتحاد الماليزي، بما في ذلك احتمال تعليق عمله، على هامش خسارة 10-صفر، وريس الاتحاد، ولي عهد باهانغ، كشف عن خطط غامضة للتنحي.
وعد مسؤولون في الاتحاد الماليزي الجمعة باستعادة أمجاد البلاد بتطوير لدى الجذور، تحسين الدوريات المحلية واطلاق اصلاحات داخلية.
ناشد نائب رئيس الاتحاد عبدول مختار أحمد الجماهير بـ"منحنا فرصة" لوضع الأمور في نصابها.
قال لمراسلين: "نستمع اليكم بأنه يجب أن تكون هناك تغييرات".