مونديال 2018: فالكاو يحقق حلماً طال انتظاره مع كولومبيا
كان راداميل فالكاو قريباً من الشروع في مسيرة في رياضة البايسبول، إلا أن الرياضة الأكثر شعبية في العالم سرقت قلب الكولومبي الذي يستعد بعد أيام، لتحقيق حلمه بخوض غمار كأس العالم للمرة الأولى في مسيرته.
لاعب نادي موناكو الفرنسي، القائد والهداف التاريخي للمنتخب الكولومبي، وأحد أفضل المهاجمين في العالم، كان قاب قوسين أو أدنى من خوض غمار كأس العالم 2014 وهو في قمة عطائه، قبل أن تحرمه إصابة قوية في الركبة من المشاركة في المونديال البرازيلي.
اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً، سيخوض المونديال الروسي بعد نحو ثلاثة عقود من قرار غير مجرى حياته: كرة القدم بدلاً من البايسبول.
وقال فالكاو في تصريحات لموقع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم العام الماضي "كانت لدي إمكانات كبيرة في تلك اللعبة (بايسبول). كنت جيداً جداً وسريعاً جداً، وقادراً على الذهاب بعيداً فيها".
أضاف "إلا أن كرة القدم كانت في دمي".
بين عشقَين
كان فالكاو في الرابعة من عمره عندما اختارت عائلته الانتقال إلى فنزويلا بعد انضمام والده لاعب كرة القدم راداميل غارسيا لنادي ديبورتيفو تاتشيرا.
مهووساً بالرياضة، أمضى "نمر سانتا مارتا" (لقبه نسبة إلى المدينة حيث ولد) مع مضارب البايسبول. كان يتدرب أيام السبت وصباح الأحد، ويمضي بعد ظهر الأحد في مزاولة كرة القدم مع أحد أندية تاتشيرا.
وتقول والدته خوانا ساراتي لوكالة فرانس برس "تأثير البايسبول في فنزويلا كان قوياً جداً. زملاؤه في نادي الكرة كانوا يرتدون القفاز (المستخدم في البايسبول) ويتبادلون رمي الكرة أثناء عمليات الأحماء" لمزاولة كرة القدم.
كان قلب فالكاو مقسوما بين عشقين: متابعة أهداف الأسطورة الهولندية ماركو فان باستن، ومتابعة بطولات البايسبول عام 1994 لاسيما أداء اللاعبين الكولومبيين المنضوين في صفوف الأندية الأميركية.
مسيرة والده حملت العائلة مجدداً إلى مدينة مريداً في غرب فنزويلا. في السابعة من عمره، استدعي راداميل ليكون جزءاً من فريق تابع للولاية التي تحمل الاسم نفسه. بحسب والدته "قدم أداء جيداً، جيداً جداً".
بعد نجاحه، بدأ زملاء والده في نادي كرة القدم يمازحونه، ويقولون له أن نجله سيغير في نهاية المطاف الرياضة التي يزاولها، إلا أن الوالد كان يرد - بحسب ما تقول ساراتي - أن "فالكاو يكرس نفسه لكرة القدم".
شهدت حقبة التسعينات من القرن الماضي تراجعاً في مستوى كرة القدم في فنزويلا، ما أثار قلق والد فالكاو من ألا يحظى نجله بمستقبل في اللعبة.
ويقول اللاعب "قرر والدي أن علينا العودة الى كولومبيا، وأن علي التركيز حصراً على كرة القدم".
العودة... والانطلاقة
عادت العائلة إلى العاصمة الكولومبية بوغوتا في العام 1996.
ويقول والد فالكاو لفرانس برس "كنت أقول للاعبين في فريقي +هو (راداميل) سينقذني+. والآن عندما ألتقي زملاء تلك الحقبة، يقولون لي "انظر إلى أين وصل".
في نهاية التسعينات، بدأ اسم راداميل فالكاو غارسيا يتردد في ملاعب العاصمة الكولومبية. في سن العاشرة، برز في نادي لا غايتانا، ومنه انتقل إلى أكاديمية "فير بلاي" التي يديرها الأرجنتيني سيلفانو إسبيندولا.
على عكس نصائح والدته، بدأ في آب/أغسطس 1993 وهو لم يزل في سن الثالثة عشرة، كمحترف في ناد لاسيوس دي بوياكا الذي كان في دوري الدرجة الثانية الكولومبية.
بعد أشهر، انتقل إلى الأرجنتين لخوض اختبار مع نادي ريفر بلايت حيث تحول إلى ما يشبه الأيقونة. في تموز/يوليو 2009، عبر المحيط الأطلسي ليبدأ تجربة أوروبية حملته إلى بورتو البرتغالي، فأتلتيكو مدريد، ومنه في صيف 2014 إلى موناكو، النادي الذي عاد إليه في 2016 بعد فترتي إعارة مع تشيلسي ومانشستر ويوينايتد الإنكليزيين.
تعرض فالكاو لإصابة بالغة قبل أشهر من مونديال 2014، وبعد التوقيع مع موناكو. أمضى فترة التعافي من الاصابة في الولايات المتحدة، حيث أعاد وصل ما انقطع مع البايسبول، قبل أن يعود إلى كرة القدم.
لم تكن العودة إلى رياضة الطفولة مجرد حنين بالنسبة إلى فالكاو، فبحسب والدته "أكبر مساهمة للبايسبول بالنسبة إلى فالكاو كانت نفسية، لأنه تعلم إدارة المساحة والسرعة".