ظواهر فنية رسمت ملامح أول أدوار كأس آسيا – الإمارات 2019
شارف دور المجموعات من بطولة كأس آسيا – الإمارات 2019 على الانتهاء كاشفاً عن عدد من الظواهر التي تركت أثرها الفني بشكل واضح على النسخة السابعة عشرة من البطولة.
أحمد النفيلي
وعلى الرغم من أن الدور الأول لم ينته حتى الآن إذ تتبقى مواجهات هامة وحاسمة في المجموعات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة، إلا أن أحداث البطولة ومبارياتها ونتائجها ومستويات المنتخبات فيها كشفت عن نقاط هامة ومؤثرة إلى حد كبير في المردود الفني العام للبطولة.
24 منتخباً !!
المتغير الأبرز في نسخة "الإمارات 2019" هو ارتفاع عدد المنتخبات المشاركة إلى 24 منتخباً وهو رقم قياسي للبطولة التي انطلقت عام 1956 بمشاركة 4 منتخبات فقط، ثم تطورت المشاركة في بطولة 1968 ووصلت إلى 5 منتخبات ثم 6 منتخبات في بطولة 1976، وانطلاقاً من 1980 وحتى نسخة 1988 شارك في النهائيات 10 منتخبات بينما تراجع عدد المنتخبات المشاركة في 1992 إلى 8 فرق، قبل أن تصل إلى 12 منتخباً في بطولة 1996 وفي 2004 في الصين وصل العدد إلى 16 منتخباً ثم كانت الزيادة في النسخة الحالية إلى 24 منتخباً.
والواقع يؤكد أن مشاركة 24 فريقاً أثرت بالسلب على معطيات البطولة، فدخول منتخبات من المستوى الرابع إلى النهائيات بالتأكيد جعل الدور الأول يبدو وكأنه استكمالاً للتصفيات فغابت المواجهات الكبرى أو القوية في المرحلتين الأولى والثانية، ووصل الأمر إلى أن المجموعات من الثالثة وحتى السادسة فيها 8 منتخبات لم تحقق للآن أي نقطة وهي بالتحديد (قرغيزستان – الفيليبين عن المجموعة الثالثة، فيتنام -اليمن عن الرابعة، لبنان - كوريا الشمالية عن الخامسة "صفر نقاط وصفر أهداف" ، وعُمان – تركمانستان عن السادسة).
كما أن المواجهات الكبرى بين أقطاب المجموعات تركزت كلها في المرحلة الثالثة وتحولت إلى مباريات ترتيبية، وأيضاً العمل بنظام تأهل أفضل أربعة منتخبات صاحبة المركز الثالث، جعل المنتخبات حديثة العهد بالبطولة تدخر مجهودها إلى المرحلة الثالثة عندما تواجه منتخبات مشابهة لها في المستوى لذلك فسنجد منتخبات تتأهل بثلاث نقاط فقط، بل من الممكن أن تصعد منتخبات وفي حوزتها نقطتين، وهو أمر بالتأكيد بحاجة إلى دراسة فنية مفصلة عقب نهاية البطولة.
الأخطاء التحكيمية وغياب الـ VAR
من أكثر القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، هو عدم العمل بتقنية حكم الفيديو "VAR" في الدور الأول وثمن النهائي، وبدء العمل به انطلاقاً من الدور ربع النهائي، فشاهدنا عدد من القرارات التحكيمية الخاطئة أثرت على نتائج بعض المباريات أبرزها كانت مباراة عُمان واليابان التي خسر فيها المنتخب العُماني بهدف من ركلة جزاء أثبتت الإعادة التلفزيونية عدم صحتها إضافة إلى تغاضي حكم اللقاء الماليزي محمد أميرول بن يعقوب عن منح المنتخب العُماني ركلة جزاء واضحة تماماً، ما جعله يخرج من المباراة مهزوماً ويدخل المرحلة الثالثة أمام تركمانستان بدون أي رصيد من النقاط.
أثر الاتحادات المباشر على منتخباتها
من الحقائق الهامة التي أثبتتها كأس آسيا الحالية هو أثر الاتحادات الواضح سواء بالسلب أو الإيجاب على منتخباتها ولعل أبرز مثل يوضح ذلك هو التدخل الحاسم الذي قام به الاتحاد التايلاندي عقب خسارة منتخبه أمام الهند بأربعة أهداف حيث تمت إقالة المدرب الصربي ميلوفان رايفاتش وتم تصعيد مساعده سيريساك يودياردثاي الذي أعاد الثقة سريعاً للاعبيه وتمكن من الفوز على البحرين بهدف نظيف ثم التعادل مع الدولة المضيفة (1-1) وصعد إلى ثمن النهائي وصيفاً عن المجموعة الأولى محققاً النتيجة الأبرز والأفضل في مشاركة أفيال تايلاند في النهائيات الآسيوية.
من جانبه أيضاً حصد الاتحاد القطري ثمار سياسة الاستقرار التي تعامل بها مع العنابي، حيث منح الثقة كاملة لمدرب الفريق الإسباني فليكس سانشيز (43 عاماً) والذي عمل مع معظم لاعبي المنتخب القطري في المراحل السنية الصغيرة حيث سبق له الفوز بكأس آسيا تحت 19 عاماً عام 2014 كما حقق المركز الثالث في كأس آسيا للمنتخبات تحت 23 عاماً عام 2018، ووقتها توج المهاجم القطري المعز علي بلقب هداف البطولة برصيد 6 أهداف، كما أنه حالياً يتصدر ترتيب هدافي البطولة برصيد 5 أهداف.
وعلى النقيض تماماً نجد أن قرار الاتحاد السوري بالاستغناء عن مدرب منتخب نسور قاسيون أيمن الحكيم والتعاقد مع الألماني شتينغه أثر تماماً على المستوى الفني للفريق فظهر بمظهر مغاير لما كان عليه في تصفيات كأس العالم التي كان المنتخب العربي قاب قوسين أو أدنى من التأهل فيها إلى الملحق العالمي.
غياب النجوم المؤثر
الواقع يؤكد أن غياب عدد من نجوم أثر بالسلب على الكثير من المنتخبات المشاركة، فدفع المنتخب العُماني ثمن غياب حارسه العملاق علي الحبسي بسبب الإصابة خاصة في مباراة الفريق الأولى أمام أوزباكستان، بينما أثر غياب عُمر عبد الرحمن تماماً بشكل سلبي على المنتخب الإماراتي الذي افتقد عقله المفكر وصانع ألعابه الأول.
المنتخب الأسترالي بدوره دفع ثمن غياب آرون موي لاعب وسط هادرسفيلد الإنكليزي والذي يعد أحد أبرز نجوم الفريق وأخطر مهاجميه، بينما ظهر ماسيمو لونغو لاعب الوسط وأفضل لاعب في أمم آسيا عام 2015، بعيداً تماماً عن مستواه على الأقل أمام الأردن وفلسطين.
من جانبه ظهر المنتخب الكوري الجنوبي تائهاً بدون جناحه وأحد أفضل لاعبي القارة الصفراء سون هيونغ مين الذي سينضم لمنتخب بلاده انطلاقاً من المرحلة الثالثة التي سيواجه فيها الشمشون منتخب الصين وإن كان من المستبعد أن يشارك سون لاعب توتنهام الإنكليزي أساسياً في هذا اللقاء.
الغزارة التهديفية
من أبرز الظواهر الإيجابية في البطولة هي الغزارة التهديفية الواضحة، ففي الدور الأول من بطولة عام 2015 سجل 61 هدفاً في جميع مباريات الدور الأول الـ24، بمتوسط بلغ 2.54 هدفاً في المباراة الواحدة وحتى الآن دخل 74 هدفاً في 28 مباراة بمتوسط بلغ 2.64 في المباراة الواحدة مع تبقي 8 مباريات أخرى وهو ما يؤكد أن المتوسط التهديفي سيزيد في الدور الأول عن مثيله في النسخة الماضية.
وبالتأكيد فإن أحد أهم الأسباب في زيادة معدل الأهداف في البطولة الحالية هو تباعد المستويات الواضح بين منتخبات المجموعة الواحدة فوجدنا قطر تسحق كوريا الشمالية (6-0) وإيران تفوز على اليمن بسهولة (5-0).
نجوم الظل خطفوا الأضواء
من أهم الأمور الإيجابية في البطولة الحالية، هو تألق عدد من اللاعبين غير المعروفين قبل انطلاق المنافسات أبرزهم الشاب الواعد مهند علي صاحب الثمانية عشر عاماً والذي أبهر الجميع بأدائه المتميز وبهدفه الذي يعد أحد أجمل أهداف البطولة والذي سجله في مرمى اليمن.
وبالتأكيد من أفضل لاعبي البطولة حالياً الجناح الأردني موسى التعمري (21 عاماً) لاعب أبويل نيقوسيا القبرصي، إضافة إلى المعز علي (22 عاماً) هداف المنتخب القطري والبطولة برصيد 5 أهداف منها "سوبر هاتريك" تاريخي في كوريا الشمالية.
ولا ننسى أيضاً مفاجأة المنتخب الأسترالي الجناح الواعد أوير مابيل لاعب ميتدلاند الدنماركي الذي يعد حقاً النافذة الهجومية الأولى لـ " منتخب السوكروس " والذي أحرز هدفاً رائعاً في شباك المنتخب السوري.
وأخيراً فإن مستوى البطولة مرشح للارتفاع خاصة مع الوصول إلى الدور ثمن النهائي الذي سيشهد بالتأكيد مواجهات كبرى تعيد الكثير من الإثارة والندية والحماس لأجواء الحدث الآسيوي الأبرز على صعيد كرة القدم.