مباراة برشلونة وبايرن ...المَذلة التي كشفت كل شيء
عاشت جماهير برشلونة أسوأ كابوس لها في الزمن الحديث، بعد الهزيمة المُذلة أمس الجمعة أمام بايرن ميونيخ 8-2 في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.
هُمام كدر
أنصار برشلونة الذين تطلعوا بتفاؤل إلى ربع نهائي من مباراة واحدة، لعل وعسى يفوز الفريق ويتأهل دون أن يدخل الفريق في كابوس انتظار مباراة الإياب، على خلفية هزيمة روما وليفربول في الموسمين السابقين.
ولكن من كان يتخيل أن مباراة واحدة أمام بايرن بوسعها أن تكون أشد قساوة من خسارتين سابقتين في موسمين مختلفين.
بدا الأمر وكأنه فيلم رعب حقيقي، لاعبو برشلونة يتلقون الصفعة تلو الأخرى، والجماهير تفرك عيونها غير مصدقة ما ترى، فصحيح أن بايرن ميونيخ كان المرشح الأوفر حظاً (الأمر الذي اعتبرته بعض من جماهير البرسا رفعاً للضغط عن اللاعبين) لبلوغ المربع الذهبي، ولكن ليس بهذا الشكل وهذا الذُل الذي دخل الصفحات السوداء للنادي الكتالوني.
ومن المعروف إعلامياً أننا نتحاشى قدر الإمكان استخدام مفردات مثل "ذل" و"سحق" على اعتبار أننا نميل للمفردات الرياضية الإيجابية، ولكن في حالة سقوط برشلونة المدوي أمس، لم يكن هناك من مفر أمام القسوة، حتى تتناسب مع ما قدمه الفريق البافاري على حساب قلة حيلة منافسه.
قسوةٌ لم نشهد مثيلاً لها منذ زمن، (ذكّرت العديد بقسوة منتخب ألمانيا على البرازيل 7-1 في مونديال 2014)، فتقدُم فريق على آخر 4-1، يعني أن إيقاع اللعب سينخفض وسيسعى الفريق المتفوق إلى تهدئة اللعب وقتل المباراة قدر الإمكان، ولكن هذا ليس قَدَر الألمان، فبايرن بعقليته وقوته المستمدة بطبيعة الحال من الروح الألمانية، لا تزيده الأهداف إلا جوعاً للمزيد منها.
ولا تحتاج هزيمة أمس النكراء لكثير من التحليل والشرح، فعيوب برشلونة الفنية والتدريبية كانت واضحة حتى للذي لم يشاهد مباراة كرة قدم في حياته من قبل، من تكديس اللاعبين في خط الوسط (بوسكيتس، دي يونغ، فيدال، روبيرتو)، دون أن يكون لهم فعاليّة كبيرة، فقد تحمّل بوسكيتس وروبيرتو الهدفين الأول والثاني لبايرن بسبب تمريرة خاطئة من الأول وخسارة كرة من الثاني.
إلى الحديث عن عدم قدرة لانغليه وبيكيه على مجاراة حيوية وقوة وشراسة غنابري ومولر وديفيس، وليفا...، مروراً بصعوبة وثقل كبيرين واجههما برشلونة حين كان يحاول إخراج الكرة من مناطقه ولعل تقديم تير شتيغن للتمريرات الخاطئة الكثيرة في نصف ملعبه أكبر دليل على ذلك.
لم ينجُ أي لاعب كاتالوني أمس من ارتكاب الأخطاء، حتى سيميدو الذي كان أكثر العناصر نشاطاً في تشكيلة سيتيين كان يحمي الكرة بطريقة بدائية على خط الركنية فخسرها مرتين، ثم لم يملك المجاراة الفنية والبدنية لإيقاف ديفيس فتلاعب الأخير به ومرر لكيميتش الهدف الخامس.
غنابري يسبق لانغليه، وبيكيه لا يقدم الدعم لسيميدو، وبوسكيتس وروبيرتو يقدمان الهدايا للفريق البافاري ...قصص لأربعة أهداف بافارية من ليلة السقوط الكبير في ملعب النور.
وفي أغلب الأهداف - بما فيها هدف كيميتش - لم يكن بيكيه ولانغليه يملكان من الشراسة والقوة ما يجعلهما مؤهلان للوقوف أمام تير شتيغن، وكأنهما جهلا أن المنافس لديه كل القوة لسحق فريقهما.
ولا يمكن استثناء ميسي و سواريز من تمزق برشلونة أمس، فالأول كان لديه بعض الفترات التي لم يُظهر فيها رغبته المعتادة بقيادة اللعب، والثاني رغم تسجيله لهدف ممتاز غاب مرات كثيرة عن مساندة خط الوسط ففي اللعب الحديث لم يعد من مهاجم ليس لديه أدوارٌ دفاعية.
كل فائز يحتاج للحظ، ولو بنسبة قليلة، ولكن بايرن ميونيخ أمس كان لديه فائض فني وبدني ما أغناه عن أي توفيق، بل إن الحظ وقف مرات بوجهه ليزيد غلته إلى 9 أو 10 ربما.
ما زاد من وقع الخسارة، أن لاعب برشلونة السابق كوتينيو كان له مساهمة كبيرة فيها، تكاد تقترب من النصف، حين صنع هدفاً وسجل اثنين، أي أنه ساعد بثلاثة أهداف من أصل 8، فقط في ربع ساعة شارك بها بديلاً.
سيتيين ليس لديه ما يقوله وهل ليس لديه ما يفعله؟
يقال في كرة القدم إذا لم تكن قادراً على الفوز فامنع الهزيمة الثقيلة، وكل من يعمل في كرة القدم يعرف بأنه في وقت ما من المباراة؛ وعندما تشعر أن الملاكم الذي أمامك أقوى منك بمراحل عليك فقط أن تتحاشى المزيد من الضربات الموجعة، لأن التاريخ سيسجل والهزائم الكبرى ستبقى كوصمة عار فردية وجماعية.
ولكن كيكي سيتيين الذي جاء لتحسين صورة برشلونة فالفيردي، لم يكن لديه أي ردة فعل على الأقل ظاهرة أمام الكاميرات لوقف هذا النزيف، في حين كان فليك على المقلب الآخر ورغم تقدم فريقه المريح يوجّه اللاعبين ويحثهم للمزيد من العطاء.
تغيير كل شيء
تكررت كلمة ثورة كثيراً في الأوساط الكاتالونية أمس، وهي بالفعل منطقية تماماً بعد كل هذه الدروس التي تلقاها الفريق الكتالوني في السنوات الماضية في دوري أبطال أوروبا ولم يخرج منها إلا بالمزيد من السقوط حتى لامس القاع كما قال بيكيه.
ومن المعروف أن من يلامس القاع لن ينتشله سوى تغيير شامل على كافة الأصعدة.