باسم السالمي

تصوير سامر الرجّال

أعرب كريم العلمي، مدير بطولة قطر إكسون موبيل المفتوحة للتنس، عن رضاه التام عن المستوى الفنّي والتنظيمي الذين بلغتهما البطولة التي تعيش نسختها الرابعة والعشرين، والتي تستضيفها كل سنة العاصمة القطرية الدوحة، مؤكداً في الوقت ذاته أن القائمين على البطولة ينتظرون تغييراً في خارطة بطولات المحترفين.

كما أكّد أنّ بطولة قطر إكسون موبيل اكتسبت قدراً مهماً من النضج والكفاءة يسمحان لها برفع سقف طموحاتها إلى مستوى أرحب، وذلك في الحديث المفصّل الذي خصّ به الموقع الإلكتروني لـ"beIN SPORTS" وإليكم ماجاء فيه:

ماذا عن المستوى الفني للبطولة؟

"أعتقد بأنّ المستوى الفني للبطولة بلغ مستوى عالياً. لا سيما مع حضور أربعة لاعبين من بين العشرة الأوائل المصنّفين على العالم. كما أنّ بلوغهم الأدوار المتقدمة في هذه البطولة يعتبر أمراً مهماً للغاية، على عكس ما حدث في بعض النسخ السابقة عندما خرج دجوكوفيتش من الدور الثاني أو نادال من الدور الأول".

وأضاف: "هذا النوع من المفاجآت المدوّية لا يخدم البطولة، بالمقابل بلوغ هؤلاء النجوم محطة المربع الذهبي أو أكثر، حتماً يعدّ أمراً إيجابياً لقيمة البطولة وسمعتها".

صعوبات بداية الموسم

في هذا السياق، قال العلمي (42 عاماً)، الذي بلغ محطة التصنيف الخامس والعشرين في شباط/فبراير 2000 عندما كان لاعباً: "بداية الموسم دوماً ما تكون صعبة، عطفاً على أنّها تسبق فترة راحة، حيث أنّ آخر منافسة يخوضها اللاعبون هي بطولة الماسترز في لندن، وفي حوالي 6 أسابيع يجب على اللاعب أن يتدرب ويجهّز نفسه جيداً لموسمه الطويل ولا سيما في الأسابيع الأولى حيث يكون تأقلمه مع كافة الأجواء المحيطة به كحالة الطقس والجاهزية البدنية وإحساسه بالكرة، غير ثابت".

وتابع: "تحضيرات بداية الموسم بالنسبة للاعبي التنس تتداخل فيها أمور عدّة. فنحن نعلم أنّ أغلب اللاعبين القادمين من أوروبا على سبيل المثال يتدربون داخل القاعات بعيداً عن تأثير العوامل المناخية كالرياح أو الشمس، علاوة على أن الطقس في هذه المنطقة من العالم يكون بارداً جداً في هذا الوقت، وهي عوامل أخرى تصعّب مسألة التأقلم، وبالتالي ترهق الجسم وتجعل التجاوب أكثر صعوبة".

صدمة فيرر

تعقيباً عن المفاجأة التي تكبّدها فيرر بخروجه أمام الحصان الأسود للبطولة، الأوكراني، إيليا مارتشينكو، قال العلمي: "أعتقد أنّ فيرر عانى من مسألة التأقلم السريع مع أجواء بداية الموسم، حيث كان بحاجة إلى خوض 5 أو 6 مباريات ليكتسب النسق ويظهر بمستواه المعتاد، ولكن الوقت لم يسعفه لذلك، نظراً لقصر الفترة الإعدادية، علاوة على ما أظهره اللاعب الأوركاني من استعدادات".

مفاجأة مارتشينكو

علّق العلمي على البروز المفاجئ للمصنف 94، إيليا مارتشينكو في البطولة، قائلاً: "فعلاً، هو المفاجأة، ولكنّ بروزه ناتج عن تأقلمه السريع مع الأجواء العامة. كما أنّ بداية الموسم هي أكثر وقت يمكن أن نتوقّع فيه حدوث المفاجآت، نظراً للأسباب التي ذكرناها سابقاً والمتعلقة بفترة الإعداد وبطء التأقلم مع المؤثرات الخارجية".

وواصل: "يمتلك مارتشينكو مستوى فنياً مميزاً، إذ يتّسم بضربات قوية من آخر الملعب سواءً بتقنية الفورهاند أو الباك هاند، إضافة إلى إرساله السريع وتحرّكاته المميزة. هو لاعب متكامل ويمتلك المقدرة على الإطاحة بلاعبين كبار وتطوير مستواه نحو الأفضل، ولكنّ السؤال الأهم هل هو قادر على الاستمرار في تقديم أداء ممتاز ومستقر طيلة الأسابيع المقبلة من الموسم، في اعتقادي الإجابة هي من تحدّد الفرق بين اللاعبين المتقدمين في التصنيف على غرار العشرة الأوائل أو أصحاب التصنيف السبعيني أو الثمانيني أو التسعيني على غرار مارتشينكو".

الفرق بين كبار التصنيف و"صغاره"

في النقطة المتعلقة بمسؤولية بعض اللاعبين عن تأخّر ظهورهم في بطولات المحترفين واستغراق وقت أطول في بطولات التحدي "تشالنج تور"، ذكر العلمي: "لا يمكننا الحكم بالجزم على هذا الأمر، فالواقع يختلف بين لاعب وآخر، إذ يوجد من يقضي سنة أوسنتين ومن ثم ينتقل مباشرة إلى المستوى العالي وهناك من يقضي ست أو سبع سنوات".

وواصل ضيفنا، الذي دخل عالم الاحتراف عام 1990، حديثه: "هذا الأمر ينطبق على وضعية مارتشينكو الذي يملك كافة المؤهلات الفنية لبلوغ مستوى الثلاثين الأوائل عالمياً، ولكن الأهم يتعلق بمدى قدرته على التأقلم وتحمّل الضغط العالي لبطولات المحترفين وهيبة خوض المباريات في الملعب الرئيسي أمام منافسين من طراز عالمي على غرار نادال أو دجوكوفيتش وغيرهم. في اعتقادي هذا هو الامتحان الحقيقي لأي لاعب عند بلوغ الأدوار المتقدمة".

أيّ أساس لإسناد الـ"وايلد كارد"؟

كان جواب العلمي واضحاً: "هدفنا في الاتحاد القطري للتنس أولاً مساعدة اللاعبين القطريين، وثانياً كل اللاعبين العرب من دون حدود أو تمييز. من جهة أخرى نحن لدينا اتفاقيات مع باقي الاتحادات العربية على غرار الاتحاد التونسي أو المصري أو السعودي أو المغربي. فالاستفادة من الوايلد كارد تكون متبادلة بيننا وبينهم، حيث نمكّنهم من مشاركة لاعبيهم في الدورات التي ننظّمها، والعكس صحيح".

وأضاف: "هدفنا الأساسي هو التنس العربي، حيث نهدف لتقديم فرص مهمّة للاحتكاك مع نجوم اللعبة، وهو ما يسمح للاعبينا القطريين أو إخوانهم من باقي الدول العربية بتحسين مستواهم وتصنيفهم. المثال الأبرز هنا التونسي مالك الجزيري".

الجزيري بعين العلمي

بدا العلمي، الذي بلغ الدور ربع النهائي في أولمبياد سيدني 2000، مرتاحاً لما بلغه الجزيري (المصنف 103 عالمياً) في هذه البطولة: " أنا سعيد بما يقدّمه الجزيري في هذه النسخة وماوصل إليه حتى الآن. لا سيما أنّنا اشتقنا لبروز عربي مشرّف بعد حالة الركود الذي عاشها التنس العربي منذ فترة طويلة". 

وأكمل: "لقد تابعته (الجزيري) 3 أو 4 أسابيع توالياً، وهو يتدرب في الدوحة، ولمست لديه الإصرار والعزيمة لبلوغ مستوى متقدّم في عالم الاحتراف، وهو ما سمح له بدخول التصنيف المئوي في العام الماضي بعد فوزه بعدد من البطولات. وبصراحة أتمنى أن ينسج على منواله لاعبون آخرون عرب".

أبرز معيقات التنس العربي

تواصلاً مع حديثه عن الجزيري، أشار العلمي إلى معرقلات لاعب التنس العربي، قائلاً: "يمتلك مالك مستوى جيّد جداً ولكن ينقصه شيء مهم في عالم الاحتراف، اسمه الفريق. لا بدّ من وجود فريق يحيط به متكوّن من طبيب ومدرب تنس ومدرب لياقة لكي يصل إلى محطة العشرين الأوائل في العالم أو أكثر، ولكنّ هذا الأمر ليس هيّناً إذ يتطلّب ضخّ أموال عديدة لتغطية نفقات هذا الفريق المتكامل وتنقلاته بين دول العالم، وهنا يطرح مشكل كبير اسمه المال".

وتابع: مشكل معظم الاتحادات العربية أنها لا تقدّم الإحاطة الكافية والدعم اللازم للاعبيها، وبالتالي فإن اللاعب يكون وحيداً في مجابهة هذه الصعوبات، وهو ما يمنعه من بلوغ مراكز متقدّمة. صحيح أنّ العزيمة والمثابرة وخاصة الإيمان بالحظوظ والثقة في النفس، أمور ضرورية لنيل نتائج مميّزة، ولكنّ المال عامل أساسي في عالم احترافي مقتضياته كثيرة في هذا الزمن".

آفاق "قطر إكسون موبيل"

عرّج العلمي عن مستقبل بطولة قطر إكسون موبيل، بلمحة تفاؤلية واضحة، بعد نيل جائزة أفضل بطولة من فئة 250 نقطة، قائلاً: "هدفنا في الاتحاد القطري للتنس رفع مستوى التنظيم في كل سنة، بهدف تطوير تصنيف البطولة في القائمة الدولية للبطولات المحترفة، والجائزة التي حصلنا عليها دليل على مساعينا المستمرة في هذا الصدد".

وتابع: "ما نهدف إليه عموماً هو أن يأتي اللاعبون إلى الدوحة ويشعرون بالراحة المطلوبة ليقدّموا أفضل ما لديهم في البطولة، ونحن نسخّر الإمكانات لهذا الأمر. طموحنا حتماً انتقال بطولتنا من صنف 250 إلى 1000 نقطة، وهذا الأمر ليس سهلاً إطلاقاً فروزنامة رابطة لاعبي التنس للمحترفين مكتظّة وشديدة الترابط، ومن التعقيد بما كان تغيير تسلسلها أو نظامها بتأخير أسبوع أو إضافة آخر، كون هذا الأمر يؤثر على السير الاعتيادي لكافة البطولات الأخرى".

تحوير مرتقب

في معرض حديثه عن الآفاق الرحبة للبطولة، ذكر العلمي عن تحوير مرتقب في خارطة الجدول المتعلق برابطة محترفي التنس، قائلاً: "عام 2018 ننتظر تغييراً مرتقباً على جدول المحترفين، والأمر يخص السيدات أيضاً، وكأس ديفيس، حيث يوجد تعاون بين (ITF) و (ATP) من أجل الوصول إلى حل لتغيير خارطة جدول بطولات المحترفين".

وتابع: "هدفنا أن نكون ضمن هذا التغيير، لأنّه توجد بلدان أخرى تودّ التموقع على هذه الخارطة، ولديها الرغبة في استضافة بطولات كبرى على غرار الصين والبرازيل والهند".

وواصل العلمي حديثه: "أنا واثق من أننا سنكون في أعلى هرم الأولويات المتعلقة بهذا التغيير المحتمل، لأنّ رابطة المحترفين تعلم جيداً أنّ قطر بلد يستثمر كثيراً في رياضة التنس ويهدف إلى تطويرها، وهو ما تمّ تأكيده في بطولة ماسترز السيّدات التي نظمناها على مدى 3 سنوات متتالية 2008 و2009 و2010، إضافة إلى دورنا الكبير في رابطة محترفي التنس، علاوة على مطالبتنا المستمرة منذ سنوات بتصعيد مستوى البطولة".

الحضور الجماهيري

"أعتقد بأنّها أفضل سنة على مستوى الحضور الجماهيري ونحن مسرورون جداً لذلك، ولكن لهذا الأمر عامل أساسي مساهم، هو تغيير موعد البطولة مقارنة بالسنة الماضية مثلاً، حيث بدأنا هذا العام في يناير في حين العام المنقضي من ديسمبر، أي قبل العودة من الإجازة، إضافة طبعاً إلى قيمة المصنّفين الحاضرين الذين يستقطبون الجماهير".

وتابع: "كان أبرز ما فاجأنا انتهاء جميع التذاكر بكافة أنواعها بشكل مبكّر، وهو ما أعطانا تأكيداً على رغبة الجماهير الجامحة في مواكبة البطولة، والحضور المكثف أمر يحفّزنا أكثر لا سيما وأنّ أعداد هذا العام تجاوزت حتى بطولات أخرى أكبر عندما تكون في أيامها الافتتاحية".

التغطية الإعلامية

وقال العلمي عن تغطية البطولة من قبل وسائل الإعلام المختلفة: "نلقى دعماً كبيراً من الإعلام المحلي بكافة وسائله المكتوبة أو المسموعة أو المرئية، والعالمي أيضاً من إيطاليا وجنوب أميركا البرازيل وتشيلي وصربيا وألمانيا وصربيا و بريطانيا وأستراليا الولايات المتحدة الأميركية. توزيع عملية البث التلفزيوني يعدّ امرأً في غاية الأهمية بالنسبة لنا". 

حصرياً لعشاق "نواعم الصفراء" في الدوحة

ختم العلمي حديثه بمدّنا بخبر حصري يتعلق ببطولة قطر توتال للسيدات التي ستقام في شهر شباط/فبراير المقبل، قائلاً: "سوف تشهد بطولة السيدات المقبلة في الدوحة حضور 18 لاعبة من بين المصنفات العشرين الأوليات على العالم، وهو ما يعدّ إنجازاً هائلاً، سيخدم لا شك منسوب الإثارة والتشويق في البطولة".