"سوبر كلاسيكو" صراع كروي متجدد في الأرجنتين
في بلد كالأرجنتين حيث تعتبر كرة القدم مرادفاً للسلطة والقوة، وحتى مسألة حياة أو موت، يصبح دربي العاصمة بوينوس أيرس الأحد بين ريفر بلايت وبوكا جونيورز، معركة طاحنة على المستطيل الأخضر.
لن تشذ مباراة الغد على ملعب ريفربلايت مونومونتال عن قواعد سابقاتها، حتى أن مجلة "فور فور تو" البريطانية، صنفت الكلاسيكو الأرجنتيني كأفضل "دربي" في العالم، متفوقاً على "الكلاسيكو" التاريخي في إسبانيا بين ريال مدريد وبرشلونة.
ويعتبر أنصار الناديين من الاكثر شغفاً حول العالم بكرة القدم، وهم يطلقون العنان لحناجرهم ومخيلاتهم على المدرجات. جماهير بوكا تعيّر ريفر بلايت بأن "مدرجاته تخلو عندما لا يفوز"، أما جماهير الأخير فتطالب لاعبيها بأن يجعلوا خصومهم "يبكون".
ويقول اختصاصي الرياضة والسياسة في كلية ديبورتا للصحافة آرييل شير "هذا البلد يعيش ويتنفس كرة القدم. الشغف بها مذهل وساحر".
يضيف "في الدربي يكون التماهي مع الفريق في أعلى مستوياته".
وعادة ما توصف ملاعب كرة القدم الأرجنتينية بـ "المعابد"، وبان هذه اللعبة هي "الدين" الاكثر شعبية في البلد الاميركي الجنوبي.
بوكا يفتقد جماهيره
لا تقتصر المنافسة بين الفريقين على الزمن الراهن، إذ أن العديد من اللاعبين التاريخيين في الأرجنتين ارتدوا قميص أحدهما. الأسطورة دييغو مارادونا لعب في صفوف بوكا، وألفريدو دي ستيفانو في ريفر.
حالياً، يقود هجوم بوكا كارلوس تيفيز (32 عاما)، بينما يتصدر لاعبي ريفربلايت لاعب الوسط المخضرم آندريس داليساندرو (35 عاماً).
ويقول تيفيز أن "الكلاسيكو هو أجمل تجربة بالنسبة إلى اللاعب هو من المباريات القليلة التي يصعب فيها الفصل بين حالتي الذهنية كمشجع، وضرورة ان اتصرف كلاعب".
وعلى ملعب مونومونتال الذي يتسع لـ 62 ألف و500 متفرج في شمال العاصمة، سيقتصر الحضور على أنصار ريفر بلايت الذين سيصبغون المدرجات بلوني الفريق الابيض والاحمر.
أما اللونين الأصفر والأزرق لبوكا فسيرتديها مشجعوه في معقله بجنوب العاصمة، أو أمام شاشات التلفزة حيث يتابعون المباراة.
وسيغيب هؤلاء عن الملعب بموجب قرار للسلطات الارجنتينية، يمنع جماهير الفريق الضيف من حضور المباريات في المدرجات. ويعود القرار الى العام 2013، إثر مقتل أحد مشجعي فريق لوناس خلال مباراة كانت تقام على ملعب مضيفه أستوديانتس.
ومن أبرز مشجعي بوكا جونيورز، الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، رجل الأعمال الثري الذي ترأس النادي بين 1995 و2007.
بالمعايير الكروية البحتة، يبلغ التنافس أوجه أيضاً بين الفريقين. فريفر بلايت الذي ينظر إليه عادة على أنه يقدم أداءً أكثر جاذبية، أحزر بطولة الدوري 35 مرة، مقابل 25 لبوكا. لكن الأخير يعد الفريق الأكثر "جرأة"، وفاز بالدربي 268 مرة في مقابل 252 لغريمه.
صراع تاريخي
ويحتل بوكا المركز الثاني في الترتيب برصيد 25 نقطة بفارق نقطتين عن المتصدر استوديانتس، وبفارق 6 نقاط عن ريفر بلايت التاسع.
إلا أن معايير الترتيب والنقاط ثانوية أمام حساسية الدربي وحساباته.
وتأسس الناديان قبل أكثر من قرن في منطقة بوكا في جنوب بوينوس أيرس، والتي كانت غالبية سكانها من المهاجرين الإيطاليين.
إلا أن ريفر بلايت انتقل لاحقاً إلى شمال العاصمة، وأنشأ ملعبه في منطقة نونيز الراقية، بينما آثر بوكا البقاء في الحي القديم حيث ملعبه المعروف باسم "لا بومبونيرا" او "علبة الحلوى".
وفي حين أن القدرات المالية للناديين باتت متقاربة حاليا، الا ان التنميط والنظرة الطبقية لا تزال سائدة بين الجماهير، وتنعكس في الكنيات التي يطلقها مشجعو كل ناد على الآخرين.
ويرجح أن فيضاناً في منطقة بوكا كان السبب خلف إطلاق كنية "بوستيروس" (أو منظفو روث الفيلة) على مشجعي بوكا جونيورز، في حين يطلق لقب "ميليونيريس" على ريفر بلايت منذ أن ضم النادي إلى صفوفه لاعباً باهظ الثمن في ثلاثينات القرن الماضي.
أما الكنية الأخرى لريفر ("الجبناء")، فتعود لعام 1966 عندما فرط بمباراة مع ناد من الأوروغواي (2-4) بعدما كان متقدماً 2-صفر.
إلا أن هذه الحرب الكلامية تبقى مقبولة إلى أن تصل إلى حد استخدام عبارات تلامس العنصرية، وتصل أحيانا لتهديدات بالقتل. ولطالما شهدت مباريات الكلاسيكو أعمال شغب، كما أوقفها الحكام أكثر من مرة بسبب العبارات التي يرددها المشجعون.