باسم السالمي

ما من أحد يشكّ حالياً أنّ البلجيكي الواعد، كيفن دي بروين، الملتحق حديثاً بصفوف الإنكليزي من فولفسبورغ الألماني، يعتبر أحد أهمّ الطاقات الشابّة التي تسجّل حضوراً قوياً في مسارح أوروبا على اختلاف ألوانها.

بيد أنّ الإقرار بالمخزون الفنّي والمهاري القيّم، لأفضل لاعب في البوندسليغا الموسم الماضي، لا يمنع طرح سؤال بدت إجابته ملحّة على الكثيرين ممّن يتابعون مشوار سيتي "المبهر" محلّياً في بداية هذا الموسم.

أفضل ممرّر في أوروبا.. ولكن؟

كان من المثير للإعجاب أن يطفو اسم دي بروين بقوّة على سطح الساحة العالمية من جديد لا سيما بعد تجربة احترافية مبكرة قادته إلى تشيلسي الإنكليزي، غير أنّ المنافسة الشرسة في بيت البلوز لم تمكّنه من نيل وقت كافٍ يسمح له بالإعلان عن نفسه جدياً، إذ سرعان ما أطاح به هذا الأمر إلى خارج الأسوار اللندنية.

فولفسبورغ، كان الفريق الذي ولد فيه دي بروين كروياً بعد أن وصول مرحلة الاحتضار في "أزرق مروينيو"، حيث أعطي في ألمانيا حرية الإبداع في منطقة الوسط المفضّلة لديه، وهو ما جعل طاقاته تتفجّر لا سيما في فنّ التمريرات الحاسمة، حيث حصد إطراءاً بارزاً بنيله مكانة أفضل ممرّر برصيد 20 تمريرة حاسمة، أكثر من أي لاعب آخر في الدوريات الخمسة الكبرى.

وليس هذا فحسب، فالبلجيكي ساهم أيضاً في بناء هجمات فاعلة ومؤثرة أو ما يعرف بالـ"key pass" من خلال تمريراته القاتلة التي بلغت 113 تمريرة أي أكثر من زميله الجديد الإسباني، دافيد سيلفا (103 تمريرة)، ولم يتفوّق عليه في هذا المستوى سوى الفرنسي ديميتري باييت لاعب أولمبيك مرسيليا سابقاً ووست هام الإنكليزي حالياً (140 تمريرة).

كلّ ما سبق كان بمثابة سيرة ذاتية عطرة لدي بروين وهي حقّ له، غير أنّ القيمة المادية لعقده مع السيتيزنس والذي سيمتدّ على 6 سنوات، تبدو أمراً مبالغاً فيه، حيث من غير المنطقي أن تتراوح قيمة الصفقة، التي تكتّمت عليها إدارة السيتي، بين 75 و80 مليون يورو بحسب مصادر الصحف الإنكليزية والألمانية.

صحيح أنّ ما من أحد وصيّ على خزينة مان سيتي وما يكتنزه من مدّخرات، بيد أنّ صفقات من هذا الحجم والنّوع، تبعث على تساؤل محيّر. إلى أيّ حد قد تصل الصفقات القادمة في سوق الانتقالات لا سيما إذا ما تعلّق الأمر بنخبة النجوم؟

حرب نجوم

بعيداً عن القراءة المالية في صفقة دي بروين، توجد ملاحظات عدّة تتعلّق بالجدوى الفنية التي تصاحب هذه الصفقة، ويوحّدها سؤال واحد، أين سيلعب دي بروين وهل كان مجيئه إلى معقل "الاتحاد" ملحّاً؟

كمتوسط ميدان هجومي أو جناح هجومي، لا تلوح مكانة دي بروين ضرورية أو ملحّة في صفوف سيتي، الذي يمتلك أحد أقوى خطوط الوسط في أوروبا، فباستثناء الإيفواري يايا توريه "قدّيس" هذه المنطقة، لن تكون فرصة دي بروين في المنافسة على مكان في التشكيل الأساسي هيّنة أبداً بوجود ترسانة من النجوم منهم نجم ليفربول السابق رحيم ستيرلينغ والإسبانيين دافيد سيلفا وخيسوس نافاس والفرنسي سمير نصري والبرازيلي فيرناندينيو.

قدوم دي بروين، الذي من المنتظر منطقياً أن يحلّ بديلاً للإسباني نافاس كجناح أيمن في الهجوم، سيكون تعزيزاً نوعياً لقوّة موجودة أصلاً ولكن حتماً ليس تعبئة لشغور واضح، فأرقام سيتي على معدّل المباراة الواحدة من دون دي بروين تتحدّث عن نفسها: (2.7 هدف) و(18 تسديدة) و(8 تسديدات مؤطّرة) و(10.3 مراوغة) و(15 فرصة مصنوعة).

الدفاع خارج الحسابات

في خضمّ الحديث عن كل ما يحيط بموضوع قدوم دي بروين إلى سيتي وتقييم جدوى هذه الصفقة، يتسلّل تساؤل آخر كان من المفترض أن يكون واضحاً للعيان، كيف لا وهو المتعلّق بموضوع الإنهيار الدفاعي الذي عانى منه النادي السماوي الموسم الماضي، وإن قدّم في بداية هذا الموسم بداية متفائلة.

يذهب الكثيرون ممّن يقرؤون صعوبات سيتي مع تقدّم مراحل الموسم، أنّ التعاقد مع الأرجنتيني نيكولاس أوتامندي من فالنسيا الإسباني، لا يعدّ ذلك التأمين المطمئن لمحور دفاع سرعان ما يختلّ بوجود الثلاثي، البلجيكي فانسان كومباني والفرنسي إلياكيم مانغالا والأرجنتيني "الهرم" مارتين ديميكيليس، لذلك كان من الأجدر على المدرب مانويل بيليغريني أن يفكّر في دعامة دفاعية ذات قيمة عالية وتحظى بالثقة عوض المراهنة على خيارات هجومية إضافية في خط الوسط.

هل من سرّ يخبّئه بيليغريني؟

في ظلّ جميع الاستنتاجات الراهنة، لا يفضّل التسرّع في الحكم على خيارات بيليغريني في سوق الانتقالات، فالموسم طويل وتقلّباته صعبة التوقّع كما أنّ داء الإصابات وعقم المردودية قد يضرب كيان أيّ فريق، وهو ما يحسب له المدرب التشيلي حساباً خاصاً على ما يبدو؟

ما يمكن أن نخلص إليه، هو أنّ الإحداثيات التي يسجّلها "المواطنون" حتى الآن إيجابية إلى حد بعيد مع علامة كاملة في 4 مراحل أولى من عمر الدوري (12 نقطة)، إضافة إلى تدوين 10 أهداف كاملة وتحصين شباك نظيفة، لذلك ما من سبيل لنقد بيليغريني في موضوع جدوى انتداب دي بروين حتى إشعار آخر!