أوراق الفساد ما تزال تتساقط من شجرة الفيفا المريضة
على الرغم من تنحية رئيسه وأمينه العام وعدد من أبرز الوجوه التي كانت فاعلة فيه.. ما يزال جسد الفيفا يصارع مرض الفساد.
لا تزال فضائح الفساد مستمرة داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم بمداهمة مقره اليوم الجمعة من قبل الشرطة السويسرية، والكشف عن أنّ رئيسه السابق السويسري جوزيف بلاتر ومساعديه السابقين الفرنسي جيروم فالكه والألماني ماركوس كارتنر تقاسموا 80 مليون دولاراً على مدى 5 أعوام من أجل الثراء الشخصي، بالإضافة إلى اتهام رئيسه الحالي جاني إنفانتينو من طرف وسائل الإعلام بحذف تسجيلات مشبوهة.
وكان إنفانتينو أعلن في 13 آيار/مايو الماضي خلال كونغرس الفيفا في مكسيكو أنّ "الأزمة انتهت"، لكن يبدو أنّ الرئيس استبق الأمور قليلاً.
كل هذه الأحداث ليست سوى أحد فصول الفضائح التي يتخبط فيها فيفا منذ آيار/مايو 2015 والتي بدأت شرارتها عشية انتخاب الرئيس السابق السويسري جوزف بلاتر لولاية خامسة على التوالي وذلك بعدما داهمت الشرطة السويسرية أحد الفنادق وأوقفت 7 من مسؤولين في المنظمة الكروية العليا بطلب من القضاء الأميركي.
وكشف الاتحاد الدولي اليوم أنّ بلاتر ومساعديه السابقين أمينه العام الفرنسي جيروم فالكه وأمينه العام المساعد الألماني ماركوس كارتنر تقاسموا مبلغ 80 مليون دولاراً من أجل "الثراء الشخصي" عبر عقود ومكافآت وتعويضات خلال الخمسة أعوام الماضية وذلك بفضل جهد منسق بين المسؤولين الثلاثة الكبار السابقين.
وأوضح الاتحاد الدولي ومقره في زيوريخ أنه سلم هذه المعلومات إلى القضاء السويسري وسيتقاسمها مع القضاء الأميركي، مبرزاً أنّ "بعض العقود تتضمن بعض التدابير التي يبدو أنها تشكل انتهاكاً للقانون السويسري" وذلك بخصوص نظام التعويضات للمسؤولين الثلاثة السابقين.
وأعطى الاتحاد الدولي أمثلة في 30 نيسان/ابريل 2011، حظي السيّدان فالكه (الأمين العام) وكاتنر (الأمين العام المساعد) "بتمديد عقديهما لمدة 8.5 أعوام حتى 2019" مع "تعويضات سخية في حال رحيلهما تدفع كاملة تصل حتى 17.8 مليون دولار و9.9 مليون دولار على التوالي، في حال توقف عملهما مع الفيفا، وذا لم تتم إعادة انتخاب بلاتر رئيساً".
مكافآت استثنائية بقيمة 23.4 مليون دولار
وفي الأول من كانون الأول/ديسمبر 2010، تسلم السادة بلاتر وفالكه وكاتنر "23.4 مليون دولار مكافآت خاصة عن نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا"، والتي "منحت بأثر رجعي - أربعة أشهر بعد نهاية كأس العالم - وعلى ما يبدو دون وجود أي عقد ينص على دفع هذه الأقساط".
يذكر أنّ بلاتر موقوف حالياً لمدة أربع سنوات من أي نشاط يتعلق بكرة القدم في قضية أخرى، بعد الدفعة الشهيرة بقيمة 1.8 مليون يورو لرئيس الاتحاد الاوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني الموقوف بدوره للمدة ذاتها بسبب القضية ذاتها، وذلك نظير عمل استشاري قام به للفيفا في الفترة بين بين 1999 و2002 ومن دون عقد مكتوب.
من جهته، أقيل فالكه من منصبه في الاتحاد الدولي بسبب قضية بيع تذاكر في السوق السوداء وأوقف 12 عاماً من أي نشاط مرتبط بكرة القدم. أما كاتنر فأقيل من منصبه في 23 آيار/مايو الماضي بسبب "انتهاكات" مرتبطة بوظيفته.
ولم يعط الاتحاد الدولي في حينها أي تفاصيل إضافية، لكنّ مصدراً مقرباً من لجنة التحقيق الداخلي في الفيفا أشار إلى أنه كان هناك ما يكفي من المعطيات التي تؤكد حصول انتهاك لمسؤولياته، مضيفاً: "نتحدث هنا عن كمية كبيرة من الأموال، ملايين الدولارات".
وأشار المصدر إلى أنّ هذه الأموال حصل عليها كاتنر كمكافآت وضمن عقد بقيت تفاصيله مخفية عن لجنة التدقيق المالي في فيفا.
كارتنر (45 عاماً) غير معروف لدى الجمهور، ولكنه عرف مسيرة مهنية رائعة في فيفا بمناصب المدير المالي والأمين العام المساعد ثم الأمين العام بالوكالة.
وخلال مداهمة للقضاء السويسري لم يتم الكشف عنها سوى اليوم الجمعة، تمت مصادرة وثائق وملفات بمكاتبه أمس الخميس.
وجاء في البيان: "كجزء من التحقيقات الجنائية الجارية في قضية فيفا، قام مكتب المدعي العام في سويسرا بتفتيش مقر فيفا في 2 حزيران/يونيو 2016 بهدف تأكيد ما توصلنا إليه من خلاصات والحصول على مزيد من المعلومات".
وتابع: "تم ضبط الوثائق والبيانات الإلكترونية وستتم الآن دراستها لتحديد أهميتها بالنسبة للإجراءات الجارية".
وأعلن محامو بلاتر في بيان أنّ مداخيله كانت "مبررة ومساوية لمداخيل أكبر القيادات الرياضية الإحترافية في العالم".
وأعلن مكتب المدّعى العام السويسري أنّ عقود بلاتر وفالكه وكاتنر، سلّمت إلى المحققين السويسريين خلال مداهمة لمقر الفيفا في زيوريخ.
"لن يفوتوا إنفانتينو"
الرئيس الجديد إنفانتينو ليس له أي علاقة بالتطورات الأخيرة، ولكنه خرج اليوم من أزمة أخرى بعدما أعلن الفيفا أنه لا توجد أي إجراءات قانونية بحقه بخصوص اتهامات وسائل الإعلام الألمانية له بإصدار أمر لحذف تسجيلات مشبوهة من أحد اجتماعات مجلس الفيفا.
وأكدت صحيفة "فرانكفورتر الماني زيتونغ" أنه رفض الراتب التي تم اقتراحه عليه معتبراً إياه أنه غير كاف. فيما أكدت صحيفة "دي فيلت" أنه تم فتح تحقيق بحق إنفانتينيو من قبل القضاء الداخلي للفيفا وأنّ هناك احتمالاً لإيقافه مؤقتاً لمدة 90 يوماً.
وكان إنفانتينو طالب في رسائل إلكترونية حذف تسجيل لدقائق بخصوص مسألة راتبه التي تم التطرق إليها خلال اجتماع المجلس الأخير (حكومة الفيفا، اللجنة التنفيذية سابقاً) والذي انعقد في مكسيكو.
وقال المتحدث باسم لجنة الأخلاق في الفيفا رومان غيسير في رد أرسله بالبريد الإلكتروني إلى وكالة فرانس برس "ليس هناك أي إجراء قانوني بحق إنفانتينو".
وبحسب الفيفا فإنه "كما جرت العادة، فإنّ جميع الاجتماعات الرسمية للفيفا ومن بينها اجتماعات المجلس مسجلة وموجودة في الأرشيف".