قصص ملفتة في تاريخ كأس العالم 6 من 10
نطل اليوم على الوجه الخشن من كرة القدم، فنتناول قصتان من مونديال 1982، الأولى للمدافع الإيطالي كلاوديو جنتيلي المُلقب بالجزار، والثانية لتدخل عنيف قام به حارس ألمانيا شوماخر.
هُمام كدر
الجزار... الذي أوقف مارادونا وزيكو
من المعروف أن باولو روسي هو من قاد إيطاليا للمجد المونديالي بإسبانيا 1982، ولكن خلف هذا المهاجم الفذ وأمام الحارس الأسطوري دينوزوف، كان هناك مدافع عُرف بقساوةٍ لا هوادة فيها.
كلاوديو جنتيلي...جدار صُبَّ من الحديد والبيتون، أقل ما يقال عنه أنه صلب، ولكن إضافة لكونه فخر صناعة الدفاعات الإيطالية آنذاك، كان لديه خصلة خداع، لا تقل "موهبة" عن بأسه الدفاعي، تجلى ذلك بإيقافه لاثنين من أهم صناع المتعة في عصره، هما مارادونا وزيكو، بخشونة مفرطة.
قبل مواجهة إيطاليا مع الأرجنتين، درس المدافع "الجزار" غريمه مارادونا بعناية عبر الفيديو، وخلصَ إلى أنه يمكن إيقاف جوهرة التانغو، من خلال منعه من استلام الكرة بأي طريقة.
خُنِق دييغو تماماً، وتعرّض للضرب والجرح من خصمه، وفي النهاية أُحبط مارادونا وتلقّى الإنذار حتى قبل "ضاربه" نتيجة الإفراط في الشكوى للحكم.
خداعٌ تفوق فيه حتى على مارادونا المعروف بحيله، إذ ارتكب المدافع الإيطالي على أسطورة كرة القدم، 11 خطأ فقط في الشوط الأول، ومع نهاية المباراة وبعد 23 "فاول" (حصيلة ما ارتكبه ضد مارادونا)، لم يخرج مدافع يوفي بأكثر من إنذار وبضع التنبيهات الشفوية، والأهم فوز بلاده 2-1 على بلاد دييغو، متوعداً نجم البرازيل زيكو خصمه التالي بمصير مشابه.
ومع نهاية المباراة قال جنتيلي إن: "كرة القدم ليست رقص الباليه"، في إشارة إلى اتهام مارادونا أنه كان يمثل.
في المباراة الموالية، عانى النجم البرازيلي زيكو مما عاناه نظيره الأرجنتيني، طوال الدقائق التسعين للمباراة الملحمية بين البرازيل وإيطاليا والتي انتهت بفوز الأخيرة 3-2.
رقابة تطورت بعد دقائق من بداية المباراة إلى ضرب وشد أدى إلى تمزق قميص زيكو وشل حركته تماماً، ومع ذلك لم يتلق المدافع المولود في ليبيا أكثر من إنذار، رغم أن زيكو أظهر للحكم قميصه الممزق.
غاب مدافع نادي يوفي عن نصف النهائي ضد بولندا بسبب تلقي الإنذارين، لكنه عاد وساهم بفوز إيطاليا باللقب من خلال الفوز بالنهائي على ألمانيا 3-1. وقتها لم يكتفِ بإيقاف لاعب خط الوسط بيير ليتبارسكي بل قدم التمريرة الحاسمة لباولو روسي قبل تسجيل الأخير الهدف الأول في المباراة.
المدهش أن اللاعب، طوال مسيرته، لم يتعرض إلا لطرد واحد، جاء نتيجة لمسة يد وليس لتدخل خشن!!.
الهجوم في إشبيلية
ضمن نصف نهائي المونديال ذاته، التقت ألمانيا الغربية مع فرنسا، في واحدة من كلاسكيات كأس العالم، وهناك على أرض إشبيلية فاز المانشافت (بركلات الترجيح 5-4). بعد التعادل في الوقتين الأصلي والإضافي 3-3 في مباراة وصِفت أنها الأفضل بمونديال إسبانيا.
إلا أن الدراما الحقيقية في تلك الليلة الأندلسية، لم تكن من علامة الجزاء، بل تلك الوحشية التي دمغت المباراة إلى الأبد. وبدأت القصة حين وجه الحارس الألماني شوماخر نطحة وصفت بالماكرة للمدافع الفرنسي باتريك باتيستون. بقي على إثرها الأخير فاقداً للوعي فترة من الزمن، كما أنه فقد عدداً من أسنانه وشوهِد كيف يسيل الدم من فمه. في مشهد مهيب.
المُلفت بالأمر أن الحكم الهولندي تشارلز كورفر اعتبر تدخل شوماخر على باتيستون "شرعياً"، مانحاً ركلة مرمى لألمانيا، دون أن يوجه حتى تنبيه شفوي للحارس.
توقف اللعب لدقائق خرج فيها اللاعب على محفة ودخل المستشفى وهو في غيبوبة. كل ذلك وشوماخر حارس المانشافت، لم يلقِ ولو نظرة على "ضحيته"، حتى أنه قال بعد المباراة بدم بارد، حين أُبلغ حالة منافسه الفرنسي الصحية: "لا يلقى بالاً؛ سأدفع له تكاليف علاج الأسنان".
من المستبعد أن يقول أي لاعب في الزمن الراهن ما قاله شوماخر في ذلك الوقت، لأنه حتى لو لم ير الحكم واقعته العنيفة - وقد اعترف الحكم بذلك- فإن الإعلام الحديث سيجلد الجاني لا محال، وبالتالي سيكون من الصعب عدم الاعتراف أو أقلها الاعتذار.