فورمولا وان 2016 على خط الانطلاق
ستكون الأنظار متجهة يوم الأحد نحو حلبة ألبرت بارك الأسترالية التي تعطي اشارة انطلاق الموسم الجديد من بطولة العالم لفورمولا وان وسط التطلع للخروج من هيمنة مرسيدس واعادة الحياة لسباقات الفئة الأولى.
ويأمل عشاق هذه الرياضة أن يكون الموسم الجديد مغايراً لما سبقه بعدما فرض الملل نفسه على مجريات 2015 لأن فريق مرسيدس هيمن تماماً على البطولة وخرج منتصراً في 16 سباقاً من أصل 19، بينها 10 للبريطاني لويس هاميلتون الذي توج باللقب العالمي للمرة الثانية على التوالي والثالث في مسيرته.
"إن الهيمنة المطلقة لمرسيدس جعلت الكثير من الناس يحضرون انطلاق السباق ثم يطفئون التلفاز لأن فريق مرسيدس جعل البطولة مملة"، هذا كان موقف عراب فورمولا وان، البريطاني بيرني إيكليستون الذي لخص تماماً واقع الأمور في بطولة الفئة الأولى التي بدأت تفقد شعبيتها نتيجة الهيمنة المطلقة التي فرضها الفريق الألماني خلال الموسمين الاخيرين.
وتابع إيكليستون: "هذا الأمر ليس جيداً بالنسبة للرياضة. المشجعون لا يريدون معرفة هوية الفائز قبل انطلاق السباق. إنها مشكلة بالنسبة لنا في الوقت الحالي. إنها مشكلة نحتاج إلى حلها".
ومن المؤكد أن ما عاشته فورمولا وان في العامين الأخيرين ليس صحياً على الاطلاق، وحصول مرسيدس على 12 ثنائية خلال موسم 2015 (رقم قياسي) وانطلاق "السهم الفضي" من المركز الأول في 18 سباقا من أصل 19 وتصدره 86% من اللفات في السباقات الـ19، يؤكد غياب المنافسة رغم بعض بوادر الأمل القادمة من معسكر فيراري.
الفريق الإيطالي كسر احتكار أبطال العالم من خلال الفوز بثلاثة سباقات عبر الألماني سيباستيان فيتل الذي خاض موسماً أول ناجحاً إلى حد ما مع "سكوديريا" بتحقيقه ثلاثة انتصارات وبصعوده على منصة التتويج في 13 سباقاً من أصل 19.
وكان العامل المثير الوحيد في بطولة 2015 قادماً من مرسيدس بالذات، من المنافسة بين هاميلتون وزميله الألماني نيكو روزبرغ الذي أطلق تحذيراً شديد اللهجة لبطل العالم من خلال فوزه بالسباقات الثلاثة الأخيرة للموسم لكن البريطاني كان حاسماً حينها للقب الذي توج به في سباق الولايات المتحدة قبل ثلاث مراحل على ختام الموسم.
وبالتالي، يأمل الجميع أن يكون موسم 2016 مختلفاً في ظل التوقع بأن يتمكن فريق فيراري من مقارعة مرسيدس استناداً إلى جولتي التجارب الشتوية اللتين احتضنتهما إسبانيا قبيل انطلاق الموسم حيث كان "الحصان الجامح" بقيادة فيتل والفنلندي كيمي رايكونن الأفضل في 5 أيام من أصل 8.
لكن القيمين على فيراري يدركون بأن النجاح لا يتحقق بين ليلة وضحاها وهم يعلمون انهم دفعوا ثمن الانشغال بالمنافسة مع ريد بول على لقب 2013، تاركين المجال أمام مرسيدس للتركيز على المحرك الجديد ذات الاسطوانات الست مع شاحن هوائي "توربو" ما جعلهم متخلفين عن الفريق الألماني كما حال الفرق الأخرى.
ولا يمكن الاعتماد على التجارب الشتوية التي امتدت لثمانية أيام من اجل الوقوف على موقع كل فريق لأن مرسيدس ركز على عامل الاعتمادية من خلال خوض أكبر عدد ممكن من اللفات ما فتح الطريق أمام ثنائي فيراري لتسجيل أسرع لفات خلال الجولتين الشتويتين.
"بصراحة، اعتقد أنه تنتظرنا معركة شرسة"، هذا ما قاله هاميلتون عن توقعاته للموسم الجديد، مضيفاً: "من الصعب معرفة الوضع الحقيقي. تبدو السيارة (مرسيدس) جيدة لكن فيراري كانت قوية في نهاية العام الماضي، كما أن الفريق حقق تقدماً ملحوظاً من نهاية العام الماضي وحتى الآن".
وواصل: "ستكون هناك منافسة قوية، وهذا ما أريده في البطولة. أنا متحمس بخصوص ذلك".
ومن المؤكد أن عشاق فورمولا وان يأملون أن تكون النتائج التي حققها فريق فيراري في التجارب الشتوية قريبة إلى الواقع من أجل اعادة الحياة إلى البطولة التي عاشت فترة ركود صعبة.
منافسة مفتوحة بين هاميلتون وروزبرغ
يعول في موسم 2016 الذي سيكون ماراثونياً بعدما رفع عدد السباقات من 19 إلى 21 بانضمام حلبة باكو الأذربيجانية وعودة جائزة ألمانيا، على فيراري مجدداً من أجل محاولة ايقاف مرسيدس التي تحدث عنها مديرها غير التنفيذي سائق فيراري وبطل العالم السابق النمسوي نيكي لاودا، قائلا في حديث مع صحيفة "لا غازيتا ديلو سبورت": "كنا الأسرع في العامين الماضيين ولم يكن ذلك خطأً مرسيدس"، في اشارة منه إلى ضعف المنافسين.
وتابع: "هدفنا المحافظة على تلك الأفضلية لكني اعتقد بأن الفارق تقلص بشكل كبير. أعتقد أنهم أقرب هذا الموسم".
ومن ناحيته قال المدير التنفيذي لمرسيدس توتو وولف أن "فريق فيراري حقق قفزة بالتأكيد. حتى إن كنا نتمتع بأفضلية، فالوضع لن يكون مشابهاً لما كان عليه العام الماضي".
ومن جهة أخرى، اشار وولف إلى أن فريقه سيكون أقل تشدداً في التعامل مع المنافسة المحتدمة بين سائقيه خصوصا في ظل القيود الجديدة المفروضة على عملية التواصل مع السائقين خلال السباقات.
وقال وولف بهذا الصدد: "سنخففها (التدخلات) لأننا نعمل الان مع بعضنا البعض بارتياح أكبر. هناك الكثير من الاحترام فيما بيننا. القوانين الجديدة تساعدنا لأنه سيكون تدخل المهندسين أقل من أجل مساعدة السائق والسيارة".
وواصل: "سيكون هناك ارشادات أقل فيما يتعلق بالاستراتيجية، التعامل الامثل مع الاطارات، كيفية قيادة السيارة، وبالتالي فان السائق سيصبح مسؤولاً وحده عن كافة هذه الامور. دورنا سيتراجع بعض الشيء وهذا الامر يترافق مع استراتيجيتنا التي تسمح للسائقين بالتنافس على الحلبة".
وتابع: "هذا أمر جيد بالنسبة للبطولة. هناك ضغط إضافي ويجب أن يبذل السائقون مجهوداً اكبر".
ثنائية قطبية والباقي ينافس على ما تبقى
وبعيدا عن الصراع الداخلي المتوقع بين سائقي مرسيدس ومع سائقي فيراري في هذا الموسم الذي سيشهد تعديلا على نظام التجارب التأهيلية ونوعية الاطارات المستخدمة، هناك مجموعتان تتنافسان على هدفين: الاولى، يترأسها وليامس مرسيدس الذي يبحث عن الاحتفاظ أقله بالمركز الثالث الذي حققه الموسم الماضي لكنه يواجه منافسة قوية من ريد بول وفورس إنديا.
أما المجموعة الثانية، فتبحث عن النقاط وحسب مع أنها تحلم باستعادة امجاد الأيام الغابرة والحديث هنا عن ماكلارين-مرسيدس والصانع الفرنسي العائد إلى البطولة رينو لكنهما قد لا يتمكنان حتى من التفوق على تورو روسو الذي يعتمد على سائق الواعد الهولندي ماكس فيرشتابن، والوافد الجديد هاس الذي يضع نصب عينيه تعزيز شعبية سباقات فورمولا وان في بلده الأم الولايات المتحدة التي ستمثل بفريق للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود.
صحيح أن لا أحد في أروقة فورمولا وان يريد بشكل رسمي بطولة بسرعتين لكنها موجودة حالياً في الحلبات في ظل الفارق الكبير في المستويات خصوصاً بين مرسيدس وفيراري والآخرين، ومن أجل تغيير بعض الأمور بحلول عام 2017، على الأقل فيما يخص المحركات، يجب أن تتسارع وتيرة الأمور وأن "يترك الآخرون فرامل اليد".