"مستر فينغر".. ألم يحن وقت الرحيل بعد!؟
بعد 21 عاماً تخللها الحلو والمر.. يبدو أنّ مسيرة "الخبير" فينغر شارفت على كتابة سطرها الأخير مع قلعة "المدفعجية".
باسم السالمي
ضربت "عشارية" بايرن ميونيخ السهم الأخير في نعش "أرسنال فينغر".. النهاية الأوروبية "المذلة" لمشوار المدافع اللندنية التي تكبدت خسارة كبيرة على أرض الإمارات 1-5 و10-2 في مجموع المباراتين) كانت بمثابة القطعة الناقصة التي أكملت المشهد التراجيدي الذي عاشه فينغر مع فريقه في الأشهر القليلة الماضية، التي رفعت على مدارها الشعارات الرافضة للتجديد مع القيدوم الفرنسي وضرورة تنحيه عن المنصب الذي تولاه منذ عام 1996.
قبل فترة ليست بالبعيدة، خرج فينغر في إحدى الندوات الصحفية معقباً على ما أسماه بحالة "سوء فهم" من إيان رايت لما جاء على لسانه بكونه يفكر رسمياً في مغادرة النادي نهاية الموسم، مؤكداً أنّه لم يفكر قط في ترك منصبه.. ولكن يا ترى وبعد ما وصل إليه اليوم: هل ما يزال فينغر يفكر في البقاء أو أنّ الشك ما يزال يراوده حول ضرورة تنحيه عن منصبه في أقرب وقت؟
ألكسيس وتعكير المشهد الأخير
ما من شك أنّ أرسنال يعاني التراجع والتذبذب منذ فترة، غير أنّ الخلاف الذي حصل بين أرسين فينغر ونجم الفريق، الدولي التشيلي، ألكسيس سانشيز، خاصة بعد قمة الأنفيلد أمام ليفربول والتي خسرها (1-3)، زاد في إرباك الفريق وإقحامه في متاهات كان في غنى عنها، وذهب مصالحه ضحيتها جرّاء "عناد فينغر ومكابرته".
بدوره، ألكسيس افتقد للكثير من الاحترافية والاحترام، عندما أصرّ على إقحام ذاته في أمور تتجاوز مساحة صلاحياته من جهة، وعدم المبالاة بـ"أوجاع" فريقه من جهة أخرى، والتي تجسدت واقعاً يوم أمس بـ"ضحكات مستهزئة" نقلتها عدسات الكاميرا في مباراة بايرن.
أرقام من وحي الكارثة
كارثة أرسنال لا تستوعب الكثير من الكلمات، لكنّ الأرقام وحدها تبرز بوضوح مدى حجم الجرح الغائر الذي تركه أبناء كارلو أنشيلوتي على أرض الإمارات، وإليكم نبذة عنها:
- أرسنال هو أول فريق يتم إقصائه من دور الـ16 لدوري الأبطال في 7 مواسم متتالية.
- بخسارته في مجموع المباراتين (10-2) أصبح أرسنال صاحب ثاني أثقل هزيمة في تاريخ دوري الأبطال، وأكبر هزيمة لفريق إنكليزي في المسابقة.
- أصبح أرسنال أول فريق في المسابقة الأوروبية يخسر على أرضه في دور خروج المغلوب 5 مرات متتالية.
- لأول مرة تتلقى شباك أرسنال 5 أهداف كاملة على ملعبه، منذ أن تفوق عليه تشيلسي في كأس الرابطة في تشرين الثاني/نوفمبر 1998.
هل افتقد فينغر للشجاعة؟
بعد صفعتي بايرن في دوري الأبطال، وكبوات عديدة على المستوى المحلي بخّرت حلمه – منطقياً - في نيل لقب الـ"بريميرليغ" للمرة الرابعة منذ آخر تتويج في 2004، وذلك بالابتعاد عن المتصدر تشيلسي بفارق 16 نقطة كاملة، كان كثيرون من محبي الـ"غانرز" يتوقعون ظهوراً شجاعاً لفينغر ليلة البارحة يعلن فيه استقالته الفورية، بعدما تعكرت الأجواء بشكل كبير داخل الفريق، حيث لم يعد أحد يوافقه في بيت المدفعجية، إذ لا جماهير تساند ولا لاعبين يستجيبون ولا إدارة تثق فيه.
إلى حدود كتابة هذه الأسطر، ما من إشارة توحي بأنّ العجوز الفرنسي عازم على الرحيل راهناً، ويبدو أنّ الأمر مؤجّل لنهاية الموسم، وهو أمر محبط لمشجعي الفريق اللندني الذين تمنّوا الإبقاء على شيء جميل يخص رحيل فينغر.
موسم الفراق لا محالة
بغض النظر عمّا يفكّر فيه فينغر حول موضوع الرحيل الآني أو المؤجّل، فإنّ الرحيل كفكرة بات أمراً شبه محسوم بالنسبة لكافة الأطراف، لا سيما الجماهير التي عبّرت بطرق شتى وبلافتات عدة عن قرارها النهائي بعدم رغبتها في مواصلة "الخبير" على رأس المدافع ولو عاماً آخر.
برغم ذلك، ما يزال صاحب الـ 67 عاماً يؤمن بفكرة بقاءه مدة أطول في أرسنال، وهو ما يمكن أن نستشفه من تصريحاته بعد لقاء بايرن أمس خلال المؤتمر الصحفي، حين أجاب لدى سؤاله، عمّا إذا كان هذا اللقاء هو الأخير له مع أرسنال أوروبياً، ردّ فينغر الذي ينتهي عقده في 30 حزيران/يونيو المقبل: "لست أدري، تبحثون دائماً عن العناوين البارزة، أمّا أنا فأتحدث عن كرة القدم وليس عن مستقبلي".
وأضاف بشكل غريب في تحليله لوقائع المواجهة: "لعبنا بطريقة جيدة ولا أعتقد بأنّ فريقي كان متردّداً. في الوقت الحالي نجتاز فترة صعبة لكني أعتقد بأنّ النادي في حالة جيدة".
بثلاثة ألقاب في الدوري الإنكليزي الممتاز وستة في كأس إنكلترا ومثلها في كأس الدرع الخيرية، ونهائي وحيد لدوري أبطال أوروبا خسره أمام برشلونة الإسباني عام 2006، يستعد فينغر لـ"وداع مر" كان بالإمكان أن يكون خالداً وفقاً لمعايير أخرى، ولكن بالشكل الحالي، يبدو أنّ فينغر مصر على مكابدة الظروف، وفي أثناء ذلك قد يتلقى صفعات أخرى ستترك بصمات قاتمة في مسيرة حافلة يجدر بالمدرب الفرنسي التفكير في كتابة خاتمة سعيدة لها عوض الخروج من الباب الضيّق.