السلسلة الأولمبية 22- الدورة الثانية والعشرون 1980- أوسع مقاطعة تقودها أميركا
عصفت السياسة عام 1980 مجدداً بالحركة الأولمبية فكانت النتيجة نجاح مقاطعة واسعة قادتها الولايات المتحدة ضد أولمبياد موسكو 1980 ما رسم علامات استفهام كثيرة حول المرتقب فنياً في الاتحاد السوفياتي.
زاهر الحلو
استجابت خمسون دولة للطلب الأميركي إبان الحرب الباردة بين العملاقين وكان الحضور هو الأدنى منذ عام 1956 لكن رغم ذلك سارت الألعاب باحتضان رسمي إذ افتتح ليونيد بريجنيف الرئيس السوفياتي الألعاب وأضاء الشعلة لاعب السلة الشهير سيرغي بيلوف وردد لاعب الجمباز نيكولاي أندريانوف القسم الأولمبي.
إقرأ أيضاً
السلسلة الأولمبية-سوء تخطيط كندي ومقاطعة أفريقية
السلسلة الأولمبية-أميركا ترفض السقوط في نسخة أمنية
السلسلة الأولمبية-المكسيك تطلق بايمون والفوسبري
السلسلة الأولمبية-اهتزاز عرش القوى الأميركية
السلسلة الأولمبية: المقاطعات تعصف بدورة ملبورن
السلسلة الأولمبية – العملاق السوفياتي يسجل حضوره
السلسلة الأولمبية - لندن تخرج العالم من أتون الحرب
السلسلة الأولمبية- عظمة ألمانيا في نسخة عنصرية
السلسلة الأولمبية- أميركا تبهر وترفع السقف عالياً
السلسلة الأولمبية-هولندا تنال حظوتها وكوبرتان يغيب
الاختيار
اختيرت موسكو للاستضافة في المؤتمر الخامس والسبعين للجنة الأولمبية الدولية في الـ23 من تشرين الأول من العام 1974 في فيينا النمسا، وكانت لوس أنجليس الأميركية المنافسة الوحيدة لموسكو، لكن الاخيرة تفوقت بعد نيلها 39 صوتاً مقابل 20 صوتاً للمدينة الأميركية.
نجاح لم يكتمل
لم يكتب لأول دورة سوفياتية فصول النجاح الكامل في زمن الحرب الباردة السوفياتية الأميركية إذ قادت الأخيرة مقاطعة سياسية هي الأوسع في التاريخ الاولمبي فقاطعت خمسون دولة.
وبنت الولايات المتحدة قرارها على خلفية اجتياح الاتحاد السوفياتي لأفغانستان العام 1979 ما أثار اعتراض الأميركيين فقرروا الرد والضغط بسبل مختلفة وقال الرئيس الاميركي جيمي كارت في عشرين تشرين الأول/أكتوبر في رسالة للسوفيات "إذا لم تنسحب قواتكم خلال شهر من افغانستان فإن الفريق الأميركي سيغيب عن أولمبياد موسكو وسنطلب من دول أخرى المقاطعة أيضاً".
نجحت أميركا في مبتغاها فشاركت ثمانون دولة فقط وهو العدد الأقل منذ أولمبياد 1956. ولم تقتصر حالات الاعتراض على المقاطعة إذ سارت 50 دولة تحت راية العلم الاولمبي وعزف لها النشيد الأولمبي وهذا كان جزءاً من الرفض للسياسة السوفياتية الدولية.
أما فرنسا فتركت الخيار للاتحادات الوطنية فكان غياب ثلاثة اتحادات هي الفروسية والشراع والرماية، كما قاطع الفرنسيون حفل الافتتاح وأصيب النقل التلفزيوني العالمي بشظايا هذه المقاطعة، فاليابان والولايات المتحدة الاميركية لم تبثا أي مسابقة على شاشاتها.
مثل هذه الدول 5179 رياضي ورياضية بينهم 1115 لاعبة شكلن نسبة 21% من المشتركين وهي أعلى نسبة في التاريخ الأولمبي للمشاركة النسائية. نافس اللاعبون واللاعبات في 21 رياضة تضمنت 203 مسابقة، والرياضات هي ألعاب القوى والشراع وكرة السلة والملاكمة والكانوي كاياك والدراجات والفروسية والسلاح وكرة القدم ورفع الأثقال وكرة اليد والهوكي والجودو والمصارعة والخماسي الحديث وألعاب الماء والرماية والقوس والنشاب والتجذيف والكرة الطائرة والجمباز. وقد تصدر السوفيات بشكل كاسح وساحق البطولة مع رقم قياسي من الميداليات بلغ ثمانون ذهبية مقابل سبع وأربعين لألمانيا الشرقية الثانية.
المسابقات الرياضية
سيطر السوفيات في ظل الغياب الأميركي بشكل كبير، وبرز ألكسندر ديتياتين الذي استطاع الفوز بميدالية في كل مسابقة اشترك فيها من مسابقات الجمباز وبات الوحيد الذي نال ثماني ميداليات في دورة واحدة، كما برز مواطنه السباح فلاديمير سالنيكوف حين كسر حاجز الـ15 د في مسافة الـ1500م، ونجح الملاكم الكوبي تيوفيلو ستيفنسون في الوزن ما فوق الثقيل في الفوز بميداليته الذهبية الثالثة ليصبح أول من احتفظ بلقبه ثلاث مرات، وتألق لاعب ألعاب القوى جيرد ويسنغ حين كسر الرقم القياسي العالمي في الوثب العالي وتلك كانت المرة الأولى التي تحقق فيها في الأولمبياد رقماً عالمياً في المسابقة المذكورة. وشهدت المسابقات الرياضية دخول رياضة الهوكي للنساء لأول مرة.
في ألعاب القوى سيطر السوفيات بحصدهم 15 ذهبية متفوقين على ألمانيا الشرقية التي نالت 11 ذهبية وقد برز السوفيات في سباقات البدل ومنافسات الميدان رجالاً فيما سيداته تألقن في سباقات السرعة والجري المتوسط. وقد تحقق في البطولة ستة أرقام قياسية عالمية مناصفة بين الرجال والسيدات، فحطم الألماني الشرقي جيرد ويسنغ رقم الوثب العالي مسجلأً 2،36م، والبولوني فلاديسلاف كوزاكيوسيتش رقم الوثب بالزانة مسجلاً 5،78م، والسوفياتي الشهير يوري سيديخ رقم رمي المطرقة مسجلاً 81،80م.
أما لدى السيدات فحققت السوفياتية ناديزدا أوليزارينكو رقم الـ800م مسجلة 1،53،43د، ومواطنتها ناديزكا تاشينكو رقم الخماسي مسجلة 5083 نقطة، وحققت الألمانيات الشرقيات رقماً في البدل 4×100م وسجلن 41،60 ث، فيما سجلت السوفياتية الأخرى تاتيانا كازماكينا رقم أولمبي في الـ1500م مسجلة 3،56،56د. وبرز أيضاً العداء الاثيوبي ميروتس يفتر محققاً الدوبليه في الـ5 آلاف متر والعشرة آلاف متر، خالفاً لاس فيرين الذي حقق الانجاز نفسه في أولمبيادي 1976 و1976.
وفي كرة السلة وبسبب الغياب الأميركي عن الأولمبياد سجل الفوز الثاني لدولة غير الولايات المتحدة التي استأثرت بجميع الألقاب السابقة باستثناء العام 1972 حين فاز السوفيات في لقاء تاريخي مثير للجدل. وقد كان التألق لليوغوسلاف بشكل كبير رجالاً فنالوا أول ذهبية لهم عقب فوزهم على إيطاليا في النهائي بنتيجة 86-77، في حين نال السوفيات برونزية المسابقة عقب فوزهم على إسبانيا بنتيجة ساحقة 117-74. أما لدى السيدات فنالت السوفياتيات الذهبية أمام بلغاريا ويوغوسلافيا.
ووُزّع في السباحة 26 ميدالية مناصفة بين الرجال والسيدات، وقد تصدرت ألمانيا الشرقية بفضل سيداتها إذ نلن 11 ميدالية إلى جانب ذهبية واحدة لدى الرجال، في حين نال رجال السوفيات حصة الأسد في فئتهم إذ نلن سبع ميداليات ذهبية، وقد تحقق في منافسات السباحة 230 رقما وطنياً، و22 اولمبي و 10 أرقام عالمية، وبرز السوفياتي فلاديمير سالنيكوف بفوزه بثلاث ذهبيات وبات أول سباح نزل عن الـ15 د في الـ1500م كما كان أول سباح نزل عن حاجز الـ4 د في سباق الميل خارج الاولمبياد، وهو فاز في موسكو بالإضافة لذهبية الـ1500، بذهبيتي 4×200م و400م حرة كما تألق السويدي بنغت بارون الذي في أول مسابقة دولية له فاز بذهبية الـ100م صدر.
وفي باقي المسابقات اكتسحت كوبا مسابقة الملاكمة بفوزها بست ذهبيات في ما لم تنل أي دولة أخرى أكثر من ذهبية واحدة، وحذا السوفيات حذو اليابان في الجمباز وفازوا بتسع ذهبيات مقابل 2 لألمانيا الشرقية، ونالت تشيكوسلوفاكيا ذهبية كرة القدم أمام ألمانيا الشرقية والاتحاد السوفياتي، كما تصدر السوفيات رفع الأثقال بخمس ذهبيات مقابل 2 لبلغاريا. فيما عربيا كان لبنان الوحيد الذي دخل الترتيب عبر المصارع حسن بشارة الذي نال برونزية الوزن ما فوق الثقيل في المصارعة اليونانية الرومانية وكان عمره حينها 35 عاماً.
نوادر
منافسة بريطانية
شهدت ألعاب موسكو 1980 منافسة بريطانية-بريطانية مميزة إذ تواجه العداءان ستيف أوفيت وسيباستيان كو في سباقي الـ800م والـ1500م، ونجح أوفيت في الفوز السباق الأول مسجلاً 1،45،40د وجاء كو ثانياً مسجلاً 1،45،85د، وفي السباق الثاني بعد ستة أيام نجح كو في الثأر حين فاز بذهبية الـ1500م مسجلاً 3،38،40د (الصورة)، وجاء أوفيت ثالثاً مسجلاً 3،38،99د.
وانصرف كو إلى الحياة السياسية والرياضية معا بعد اعتزاله وهو يرأس الاتحاد الدولي لألعاب القوى.
انجاز فريد
ألكسندر ديتياتين
لاعب جمباز سوفياتي لعب لأول مرة أولمبياً العام 1976 حين فاز بفضية بمسابقة الفرق، وفضية الحلق وحل رابعاً في الفردي العام، أما في موسكو 1980 فقاد الاتحاد السوفياتي لذهبية الفرق كما فاز بلقب الفردي العام، وتأهل لنهائي الأجهزة الستة. وكان يوم 25 تموز/يوليو 1980 تاريخياً له حين فاز بست ميداليات، ذهبية الحلق وفضيات العارضة والمتوازي وحصان القفز، وبرونزية الجهاز الأرضي. وهو الرياضي الوحيد الذي فاز بثماني ميداليات متنوعة في دورة واحدة، كما انه أول من نال علامة كاملة لدى الرجال أولمبياً في عرضه على حصان القفز.
وحش الأمواج
فلاديمير سالنيكوف
سباح روسي لمع في أولمبياد موسكو 1980 بفوزه بثلاث ذهبيات محققا رقما أولمبيا في سباق الـ400م حرة، وعالمياً لا ينسى في الـ1500م حرة حين سجل 14،58،27د وكان أول من نزل عن حاجز الـ15د، ولسوء حظه غاب عن اولمبياد 1984 نظرا لمقاطعة بلاده هذه الألعاب رداً على مقاطعة الولايات المتحدة. فاز بين 1977 و1986 بـ61 سباقاً متتالياً في الـ1500م، وبعد تراجع في مستواه عاد وتحضر جيدا لأولمبياد 1988 في سيول وتدرب بمساعدة زوجته حيث حقق ذهبية الـ1500م مرة جديدة. لقب بـ"قيصر الحوض" و"وحش الأمواج".
إقرأ أيضاً
السلسلة الأولمبية-نسخة طرزان والفنلنديين الطائرين
السلسلة الأولمبية-إعجاز بلجيكي يخلع رداء الحرب
السلسلة الأولمبية – قارات العالم تتآخى في السويد
السلسلة الأولمبية: لندن تسجل نقلة نوعية وقياسية
السلسلة الأولمبية- فوضى وغش وأميركا تكرر خطأ فرنسا
السلسلة الأولمبية- إخفاق فرنسي مدو وحضور لطيف أول
السلسلة الأولمبية- الألعاب الحديثة تشرق من اليونان
السلسلة الأولمبية- كيف أحيا كوبرتان الألعاب مجدداً
السلسلة الأولمبية: ما يجب معرفته عن الحركة الدولية
السلسلة الأولمبية: أساطير الإغريق قيم عابرة للعصور
موقف سياسي
بسبب الغزو السوفياتي لأفغانستان العام 1979، أبت العديد من الدول المشاركة إلا أن تسجل موقفاً معارضاً للسياسة السوفياتية، فسارت وفود 15 دولة في الافتتاح رافعة علم اللجنة الاولمبية الدولية وليس علم بلادها كما استعملوا في التتويج العلم والنشيد الأولمبيين، فيما كانت نيوزيلاندا الوحيدة التي اتخذت علم بلادها الاولمبي، كعلم رسمي لها طيلة أيام الدورة وحتى حين كانت تتوج بميداليات.